وفاة عم عبد الحميد آخر سقا في مصر
كتب: رويدا حلفاوي
تُوفي أمس السبت آخر "سقا" في مصر ويُدعى عم عبد الحميد وآثار ذلك حزن شديد لرواد السوشيال ميديا، وذلك بعد إعلان نجله تأكيد وفاته ودفنه في منفلوط بأسيوط.
عم عبد الحميد من مواليد 1950م، في أسيوط، ولديه 7 أبناء، ورث مهنة السقا من جده الذي اختاره تحديدًا لكي يورثها له بالرغم من رفض والده هذا العمل في البداية.
وبعد إصرار عم عبد الحميد على العمل كـ "سقا" وافق والده وقام عبد الحميد بصنع قربته من جلد الماعز وبرر ذلك بأنه يحتوي على قدر هائل من حفظ برودة المياه لأطول وقت ممكن.
وكان يستيقظ عم عبد الحميد ليصلي الفجر ثم يملأ قربته ويضع عليها ماء الورد ثم يتجول ليسقي الناس.
وقد اشتهر عم عبد الحميد بالجلباب الأخضر وقربة الماء ومدحه الدائم للنبي صلى الله عليه وسلم، وظهر في عدد من اللقاءات التلفزيونية والصحفية.
وساد الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إعلان خبر وفاة عم عبد الحميد مما جعلهم يدعوا له بالرحمة ويذكروا كل أفعاله الجميلة لتنتهي بموته مهنة السقا في مصر.
وتُعد مهنة السقا واحدة من أشهر المهن المصرية القديمة التي كانت تهم الناس وظلت مرتبطة ومتواجدة حتى نهاية مطلع القرن الماضي والتي بدأت تختفي تدريجيًا منذ عام 1865 حيث أُنشئت شركة المياه وبدأت في إنشاء آلات الضخ وأنابيب للمياه تُوزع داخل مدينة القاهرة لكن لم تنتهي وظيفة السقا نهائيًا فقد كان هناك أكثر من 68 منطقة عشوائية حول القاهرة لا تصل إليها المياه النظيفة وبذلك كان هناك ضرورة لوجود هذه المهنة لكي يتم نقل المياه لتلك المناطق.
ووفقًا للباحثين تعتبر وظيفة السقا من الوظائف الهامة في عصر الخلفاء والولاة المسلمين في مصر، ووفق تعريف المؤرخين يعتبر (السقا) هو الشخص المسئول عن نقل المياه من الخزانات ونهر النيل إلي المساجد والمدارس والمنازل، وأسبلة (جمع سبيل) الشرب العامة، وذلك لعدم وصول المياه إلى هذه الأماكن لخدمة الأهالي.
ويُعد دور السقا الذي قدمه الفنان القدير عزت العلايلي في فيلم السقا مات واحد من أشهر الأعمال السينمائية التي سلطت الضوء على مهنة السقا التي اندثرت الآن بفعل الحداثة وتطور الزمن.
وكانت هناك خمس طوائف للسقائين لكل منها الشيخ يتولى شؤونها وينظم عملها منها:
طائفتين في باب اللوق، الأولى تقوم بنقل الماء على ظهور الجمال، والثانية تنقل الماء على ظهور الحمير مع طائفة باب البحر ثم طائفة حارة السقائين، وطائفة قناطر السبع.
وكانت هناك طائفة سادسة تعرف باسم الكيزان كانوا يطوفون الشوارع والأسواق ويحملون القربة بالماء على ظهورهم ومعهم مجموعة من الكيزان ليقدموا المياه للأهالي.