بعد ضجة كنزي مدبولي و«المأمون».. كتابات مشاهير «السوشيال ميديا» تواجه «غضب المثقفين»
كتب: عرفة محمد أحمد
دائماً ما تُثير المؤلفات التي يقدمها «مشاهير السوشيال ميديا» جدلاً في كل دورةٍ من دورات «معرض الكتاب»؛ خاصةً مع المشاهد المتكررة من التدافع للحصول على تلك المؤلفات أو توقيعاتٍ من أصحابها، على طريقة ما حدث خلال اليومين الماضيين مع رواية «فرصة من دهب» للبلوجر كنزي مدبولي، أو مع رواية «الديبو» للكاتب محمد المأمون.
وكنزي مدبولي إحدى صانعات المحتوى وهي من مواليد الإسكندرية، وتخرجت في كلية الإعلام بـ«الأكاديمية العربية»، أما محمد المأمون فهو صانع محتوى على «يوتيوب» يتابعه الآلاف عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ضجة «كنزي مدبولي» و«محمد المأمون»
وأعادت ضجة «كنزي مدبولي» و«محمد المأمون» في معرض الكتاب الحالي إلى الأذهان ما حدث خلال الأعوام الماضية، مثل واقعة زاب ثروت الذي حقق شهرةً ضمن «فريق كاريوكي» ثم أحدث ضجةً في دورة معرض الكتاب عام 2015، بما سُميَّ وقتها ديوان شعر عامية حمل عنوان «حبيبتي»، فضلاً عن كتابي «مدمن نجاح» و«أشطر فاشل» للأنفلونسر علي غزلان.
وفي قائمة كتابات اليوتيوبرز والإنفلونسرز والبلوجرز الذين أثاروا جدلاً بمؤلفاتهم: «رحلتي من النقاش إلى البلوك» لـ جو موسى، و«مارشميلو» لـ لبنى طاهر، حتى ميرنا الهلباوي يُصنف البعض كتاباتها ورواياتها ضمن تلك الفئة.
هجوم من الوسط الثقافي
ويشهد الوسط الثقافي حالياً نقاشاً وشداً وجذباً على «السوشيال ميديا» بعد ضجة «كنزي والمأمون»، وتتركز أغلب النقاشات حول الهجوم على «سطحية» مؤلفي تلك النوعية من الكتابات، وعمرها القصير، ثم التحسر أحياناً على الكتابات الجادة الحقيقية التي يقدمها روائيون أو قصاصون ولا تجد إقبالاً عليها مثل كتابات «اليوتيوبرز والإنفلونسرز والبلوجرز» في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
نرشح لك: «مراجعات وترشيحات» الكتب على السوشيال ميديا.. انتعاشة ثقافية أم «دعاية مدفوعة»؟
هيمنة السوشيال ميديا
وقال الروائي أشرف الخمايسي، إنَّ الجدل الخاص بروايتي كنزي مدبولي ومحمد المأمون، أو الإقبال على مثل تلك الكتابات في معرض الكتاب، يكشف عن «هيمنة السوشيال ميديا، وهيمنة الصورة على الكلمة، وأنَّ الصورة صارت تحدد مصير الكلمة الآن».
فاز «الخمايسي» بالجائزة الأولى في مسابقة جريدة «أخبار الأدب» للقصة القصيرة عام 1994، ووصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة «البوكر العربية» روايته «منافي الرب» عام 2014، وروايته «انحراف حاد» عام 2015، كما وصلت الأخيرة أيضاً إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد في نفس العام.
وأضاف «الخمايسي» في تصريحٍ خاصٍ لـ«العاصمة» أنَّ هذا «التريند» لم يُدهشه، لأنه حدث مكرر مع كل معرض، متابعاً: «يختفي هؤلاء الكُتَّاب بعد أخذ اللقطة والاهتمام وعمل الشو في المعرض».
لكن صاحب رواية «منافي الرب» لا ينكر أنَّ ظاهرة الإقبال على مؤلفات «البلوجرز»، تكشف عن أنَّ «السوشيال ميديا صارت مؤثرةً بشكل مخيف على الكلمة»، وفي الوقت عينه، تترك هذه الظاهرة إحساساً بالإحباط وعدم الفائدة لدى جزء من الكُتاب حتى لو أنكروا ذلك».
كتابات خفيفة تلبي رغبات المراهقين والشباب
من ناحيته، يرى الروائي والقاص أحمد أبو خنيجر، أنَّ كتابات مشاهير السوشيال ميديا تُلبي مطالب الشباب، واصفاً تلك النوعية بـ«الكتابات الخفيفة» التي لها علاقة بأشياء تخص الشباب والمراهقين.
يكتب أحمد أبو خنيجر، القصة والرواية والدراسات فى الأدب الشعبي، ومن أعماله رواية: «نجع السلعوة» التي حصل بها على جائزة الدولة التشجيعية عام 2003، وجائزة ساويرس للرواية للكتاب الشباب عام 2006 عن روايته «العمة أخت الرجال»، ومن أعماله أيضاً: «حديث خاص عن الجدة»، «غواية الشر الجميل»، «جرّ الرباب»، «فتنة الصحراء»، «متاهة الذئب»، وغيرها من الأعمال الأدبية القيّمة.
وأضاف «أبو خنيجر» في تصريحٍ خاصٍ لـ«العاصمة»، أنَّ هذه النوعية من الكتب الآن ترتبط أيضاً بقصة التطورات التكنولوجية، ومنافسة الوسائط الإليكترونية لنظيرتها الورقية، متابعاً: «الشباب في إيديهم موبايلات، ولن يقرأ كتاباً مرهقاً، لكنه بينظر للموبايل أكثر، لأنه بيلبي متطلباته وبيراعي احتياجاته».
وعن الضجة التي شهدها معرض الكتاب في دورته الحالية بسبب رواية «فرصة من دهب» و«الديبو»، و التدافع والإقبال عليهما، قال «أبو خنيجر»: «الظاهرة دي موجودة من بدري وليس بسبب السوشيال ميديا فقط».
وأوضح صاحب رواية «نجع السلعوة» أنَّ تلك النوعية تعد «كتاباتٍ خفيفةً في الأدب» تجذب الشباب مثل النوعية التي يقدمها أحمد مراد أو أحمد يونس.
وتابع: «هؤلاء الشباب انتهوا من قراءة كتب الأطفال والتعلق بها في الأفلام التي يرونها، ففي المرحلة التالية صعب يروح يقرأ لـ نجيب محفوظ أو يوسف إدريس أو نجيب محفوظ، ولكن هناك كُتَّاب المرحلة الوسيطة، وفي فترة ما كان نزار قباني وأنيس منصور ومصطفى محمود وفاروق جويدة من كُتَّاب هذه المرحلة».
هل تبحث دور النشر عن الربح فقط بنشرها هذه الكتابات، يُجيب «أبو خنيجر»: «دور النشر التي تقدم مثل تلك النوعية من الكتابات بتكون دور نشر صغيرة تريد البحث عن الربح والشهرة وصناعة اسم».
في الوقت عينه، لا يستبعد «أبو خنيجر» أن تتجه دور نشر كبيرة ومعروفة لمثل هذه الكتابات على غرار ما حدث من نشر كتب لأصحاب المدونات الشهيرة قبل ثورة يناير مثل «عايزة أتجوز».
وأوضح: «الشباب هم القوة الشرائية الأكبر، ودا سوق بيلبي الاحتياجات المطلوبة».
نرشح لك: روائيون مصريون لـ«العاصمة»: هذه أسباب ابتعاد الأدباء العرب عن قوائم جائزة نوبل
كتابات تثير جدلاً كل معرض كتاب.. وتختفي بعده
دورة معرض الكتاب
وتحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تنعقد الدورة الـ 55 من معرض الكتاب 2024، في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية، بالتجمع الخامس، في الفترة من 25 يناير إلى 6 فبراير 2024، تحت شعار «نصنع المعرفة نصون الكلمة»، بمشاركة 1200 ناشر من قارات العالم، بزيادة 153 ناشرًا عن الدورة الماضية.