بيع مكتبة الكاتب محمد أمين.. صراع الصحفيين بين الثقافة والحياة
كتب: رحاب سعودي
تسبب خبر بيع مكتبة الكاتب البارز محمد أمين، التي تضمّت آلاف الكتب النادرة والمجلدات الثمينة، في إثارة مشاعر الحزن والأسى داخل الأوساط الثقافية المصرية والعربية."
قرار الكاتب الكبير محمد أمين ببيع مكتبته الثقافية يأتي بعد مواجهته لظروف مادية صعبة، مما يجسد الصراع الذي يواجهه كبار المثقفين في العالم العربي، حيث يضطرون إلى التخلي عن شغفهم ورموز ثقافتهم من أجل كسب لقمة العيش."
أثارت حادثة بيع مكتبة الكاتب الكبير محمد أمين موجة من التعليقات الحزينة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر الكثيرون عن أسفهم لتراجع قيم الثقافة في المجتمع العربي، واستغربوا أن يُضطر الكاتب، برغم مكانته البارزة، إلى اللجوء لبيع مكتبته النادرة.
شارك الكاتب الكبير فاروق جويدة في هذا التعاطف بكتابة مقال في صحيفة الأهرام للتعبير عن هذه الواقعة المؤثرة."
وقد صرح الكاتب الصحفي محمد أمين في أحد الموقع، قائلا:"لم أقم ببيع مكتبتي بسبب ضائقة مالية شخصية، وما حدث هو أنني وجدت شخصًا يبحث عن مصدر رزق، فطلب مني شراء بعض الصحف القديمة لمساعدته في مواجهة الصعوبات المالية، وعلى الرغم من أنني أعرف صعوبة الحياة، إلا أنني قلت له: 'خذ كل شيء في المكتبة، لأن الأمور الأساسية مثل الطعام أهم بكثير من الثقافة أو الكتب'".
وأوضح أمين أيضًا قائلاً: "لا يوجد اهتمام كاف بالثقافة أو الصحافة بشكل عام، وأصبحت الكتابة بشكل عام متأكلش عيش".
وورد في مقال محمد أمين:
"التبرع بالمكتبة يُشبه التبرع بالأعضاء.. صحيح أن كل شىء راح لحاله، ولكن سوف تشعر أن هناك شيئًا ما ينقصك.. ربما حاولت أمس أن أقنع نفسى بأنها صدقة مع أن ورقة بمائة جنيه كانت تحل المشكلة كلها، ولكن "عم على" كان يأخذ البقايا من الأوراق والكتب ليبيعها ويقتات من ثمنها، فوجدت أننى إزاء شعوره بالحاجة وتعاطفى الشديد معه تبرعت بالمكتبة كلها، وقد سبق أن تبرعت بمكتبتى الأولى للمسجد الكبير فى قريتى.
ولم يكن غريبًا أن أتبرع أيضًا هذه المرة بالمكتبة، فالثقافة التي لا توفر الغذاء للفقراء تبقى ثقافة نظرية، لا قيمة لها، ويصبح مآلها إلى البواب أو بائع الروبابيكيا أو الرصيف على سور الأزبكية والميادين العامة أو سور الجامعة، وأنا وأنت نمر على باعة الكتب عند جامعة القاهرة ولا نسأل أنفسنا كيف وصلت إليهم".
بينما كتب فاروق جويدة مقالا قال فيه: "اعترف بأن كلمات محمد أمين البديعة والمرة في نفس الوقت عادت بي إلى محنة الكاتب الذي يحترم قلمه، وكيف تسربت منه سنوات العمر وهو يواجه تحديات الزمن ومطالب الحياة، رغم أنه يشاهد حوله عشرات العملات الرديئة وهي تتصدر المشهد وتبيع شرف الكلمة بأبخس الأسعار .. في روسيا حين كانت شيوعية كانوا يضعون الكتاب والفنانين والمبدعين في أول الصفوف، ورغم أن العقاد كتب مقدمة كتاب فلسفة الثورة لجمال عبّد الناصر إلا أنه غضب عليه بعد ذلك، فى حين كان كريما مع طه حسين وتوفيق الحكيم، وكان يعطي كل واحد منهما٢٠٠٠ دولار في رحلته الصيفية إلى أوروبا .. صديقى العزيز محمد أمين كلماتك أدمت قلبي في هذه الأيام الموحشة وأنت تعلم أن قلبي متعب من زمان".