Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

عن «هواجس» جيل جديد يكتب الرواية في مصر «سلسلة حوارات».. محمد كسبر: كنت خائفاً من كتابة الرواية والربط بين النجومية في الأدب والإقامة بالقاهرة «بقت موضة قديمة»

 كتب:  عرفة محمد أحمد
 
عن «هواجس» جيل جديد يكتب الرواية في مصر «سلسلة حوارات».. محمد كسبر: كنت خائفاً من كتابة الرواية والربط بين النجومية في الأدب والإقامة بالقاهرة «بقت موضة قديمة»
محمد كسبر ومؤلفاته
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

في الرواية «المتعة والحبكة» أهم من الحقيقة وتوفيق الحكيم أسلوبه «لغز»

«الجائزة» وسيلة تجعل الكاتب «يُعرِّف نفسه من غير ما يهين كرامته»

لا أحب الكتابة بين «4» حيطان.. ونفسي أحقق إنجازاتٍ في أدب الطفل

والدتي «افتكرتني مجنون» عندما كنت صغيرا وحد نصحها: «دا هيطلع كاتب»

«نجومية» الكاتب لها «سقف» وطبيعي ألا تكون مثل شهرة لاعب الكرة

جزء من «النقد» في الوسط الثقافي عندنا يكون له علاقة بـ«النفسَّنة»


منذ فوز محمد كسبر في الورشة الثانية لـ«الدار المصرية اللبنانية» بعمله «مسيرة فلان العلاني في برشلونة»، تأكدتُ أنه سيكون صوتاً روائياً شبابياً مختلفاً؛ فليس سهلاً أن تفوز بنصٍ في ورشةٍ يشرف عليها طارق إمام، الروائي المغرم بالتجريب والخيال والذي يكره بصورةٍ واضحةٍ «الكلاسيكية» في الكتابة.


صدرت رواية «مسيرة فلان العلاني في برشلونة» عن الدار المصرية اللبنانية بعد فوزها في الورشة، وتخيل البعض أنَّها ستكون السيرة الذاتية لـ«كسبر» الذي سافر إلى إسبانيا لدراسة العلوم السياسية في جامعة «أتانومة»، ليتجدد هذا الأمر مع روايته الثانية «في رحاب البطل كانت لنا أيام» التي تدور أحداثها بصورةٍ واضحةٍ في «جامعة أتانومة» بإسبانيا، حيث تضج الرواية بحكاياتٍ عن شخصياتٍ من جنسياتٍ مختلفةٍ، متناولةً حديثاً عن قضايا وأحداثٍ سياسيةٍ شهيرةٍ مثل «تفجيرات 11 سبتمبر»، ونظرية صراع الحضارات واللاجئين، لدرجة تصورتُ بعد قراءة الرواية أنها الجزء الثاني من رواية «مسيرة فعلان العلاني في برشلونة».


استقرت صورة الصوت الروائي الشبابي المختلف التي تكونت لديَّ من قراءة روايتين لـ«كسبر»، عقب قراءة عمله الثالث «سوسو بابا» التي يوجه بطلها «الناقد المتمرد» سهامه النارية نحو الوسط الثقافي المصري، منتقداً العديد من الظواهر الخاصة بالكتابة وتدهور النقد العربي، ومتناولاً أيضاً صورة «المثقف النموذج» الذي تفضله السلطة، كل هذا يدور في أثناء حفل تأبين كاتب الأطفال الشهير «سوسو بابا».


بجانب رواياته الثلاث «مسيرة فلان العلاني في برشلونة» و«في رحاب البطل كانت لنا أيام» و«سوسو بابا»، قدَّم محمد كسبر عدداً كبيراً من النصوص في مجالي أدب الطفل والمسرح مثل نصوصه: «إنها حقا مدينة مبهجة»، «سيف الحارس»، «مندور والقلم المسحور»، «أين أنت يا سعدون»، «الزائر الجديد»، «ششش.. هذا سر».


«كسبر» من مواليد مارس 1991 وهو حاصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة «أتانومّة» في إسبانيا، كما فاز بعددٍ من الجوائز والمنح المتنوعة في مجال الكتابة.

فزتَ في ورشةٍ لـ«كتابة الرواية» وصدر لك «3» أعمالٍ إضافةً إلى نصوصٍ في أدب الطفل وتكتب أيضاً المسرحية… كيف كانت بداية علاقتك بالقراءة والكتابة؟

كنت أقرأ القصص المصورة منذ الصغر، وأتذكر جيداً عندما كنت طفلاً كنت أقضي وقتاً كثيراً مع «ألعاب الأطفال»، وأتكلم معها كثيراً وبالساعات، لدرجة أنَّ والدتي شعرت بالخوف عليَّ و«افتكرتني مجنون»، وعندما سألت حد نصحها قائلاً: «دا هيطلع كاتب»، وهكذا استقر وثبت الموضوع في عقلي الباطن، فبدأت أكتب كثيراً منذ كنت في السابعة من عمري وأستشهدتُ بالأغاني في تلك الكتابات.



ما النص الأول الذي كتبته.. هل كان عملاً روائياً؟

منذ الفرقة الأولى بالكلية قررت أن أكون كاتباً، ولكن كنت خائفاً جداً من «الرواية» وأراها فناً صعباً، يعني في داخلي كنت أرى أنني من الممكن أن أكتب «سينما» أو «مسرح»، وبالفعل كنت أذهب إلى مكتبة الإسكندرية التي كانت تحرص سنوياً على إنتاج مسرحيةٍ وكنت دائماً من فريق الكتابة بتلك المسرحية، كما كتبت قصةً قصيرةً في ورشة الشاعر والكاتب علاء خالد، وعندما قرأها قال لي: «دي تنفع رواية»، المهم أنَّ علاقتي بكتابة الرواية بدأت متأخراً، بعد ما سافرت وصار عندي ما يمكن كتابته في عملٍ روائي.



كنتَ الفائز في ورشة الدار المصرية اللبنانية بروايتك «مسيرة فلان العلاني في برشلونة».. ما كواليس المشاركة في تلك الورشة وما المدة التي أنجزت فيها النص الفائز؟

كواليس المشاركة في ورشة الدار المصرية اللبنانية كانت مرتبطةً بالقصة القصيرة التي شاركت بها في ورشة الأستاذ علاء خالد، وقال عنها إنها تصلح نصاً روائياً، منذ تلك اللحظة صرت شغوفاً بكتابة «روايةٍ»، ثم ظهر إعلان ورشة الدار المصرية اللبنانية، وشاركت بتلك القصة التي كانت تحمل عنوان «جنينة ماما»، ولقد أُعجِب بها الروائي طارق إمام المشرف على الورشة وكذلك الأستاذة نورا رشاد، وكان السؤال كيف يمكن العمل على تطوير فكرة تلك القصة القصيرة إلى روايةٍ؟



أما بالنسبة للمدة التي استغرقتها كتابة الرواية، فأنا أرى أنَّ الذي يستغرق وقتاً هو «التخطيط للرواية»، والإمساك باللغة والأحداث والشخصيات، وإنجاز الفصل الأول من النص والذي أراه صعباً وقد يستغرق شهوراً. ولكن إذا انتهيت من تلك النقاط فيمكن إنجاز الرواية في «3» أشهر مثلاً. وأتذكر أنَّ ورشة الدار المصرية اللبنانية كانت يومين أسبوعياً، وبالطبع كنت أتعرض للإجهاد خاصةً أنني أسافر من الإسكندرية للقاهرة.



هل كانت بالفعل رواية «مسيرة فلان العلاني في برشلونة» سيرةً ذاتيةً لـك وسفرك إلى إسبانيا لدراسة العلوم السياسية في جامعة «أتانوَّمة»؟

أي روايةٍ أكتبها يكون فيها جزءٌ من «الذات»، ولكن في الرواية لن أكتب قصة حياتي الحقيقية، فيه تفاعلين في الرواية: «قارئ.. كاتب»، والسؤال: كيف يمكن تقديم تلك الجزئية بطريقةٍ ممتعةٍ؟، في الرواية «المتعة والحبكة» أهم من الحقيقة، قد أكتب أحداثاً غير حقيقيةٍ ولكن ستكون أقوى فنياً، هنا بالطبع سأنحاز لتلك الأحداث ما دام تصنيف العمل «روايةً».



اسم الرواية «مسيرة فلان العلاني في برشلونة» قد يوحي أنَّ الأحداث ستدور كلها في «برشلونة»، ولكن هذا لا يحدث بل شملت الرواية انتقالاتٍ زمنيةً ومكانيةً كثيرةً مثل العودة إلى الإسكندرية في الأحداث.. كيف حافظت على عدم تشتيت القارئ مع تعدد تلك الانتقالات؟

هذا قد يكون له علاقة بـ«تخطيط الرواية» والشهور الأولى قبل الكتابة، ثم المدة التي استغرقتها الرواية في الكتابة، وطبعاً الروائي طارق إمام المشرف على ورشة الدار المصرية اللبنانية، كان له دورٌ كبيرٌ من خلال المناقشات والتوجيه والاقتراحات.



أما قصة أنَّ اسم العمل «مسيرة فلان العلاني في برشلونة» ولكن كل الأحداث لا تدور هناك، فأنا أرى أنه إذا فعل ذلك كاتبٌ أجنبيٌ لوجد إشادةً وسيتم وصفه بأنه «مجددٌ في الرواية»، ولكن يتم استهجان هذا عندما يفعل ذلك كاتبٌ عربيٌ.



شملت صفحات الرواية «هوامش» كثيرةً، وعلى الرغم من أهميتها في إيضاح بعض النقاط الغامضة أو إضافة معلوماتٍ جديدةٍ للقارئ إلا أنَّها قد تربك القارئ أحياناً.. كيف ترد على انتقاد «كثرة الهوامش» في الرواية؟

كنت حابب أستخدم تلك «الهوامش الكثيرة»، ولكن بالفعل كنتُ متخوفاً وقلقاً من جزئية «إرباك القارئ» التي تحدثت عنها، ولكن وجدتُ تشجيعاً على استخدامها من الروائي طارق إمام الذي أُعجب بها جداً، ومن آخرين أيضاً، وبالفعل لجأت إلى استخدام تلك «الهوامش» في أثناء الكتابة، على أن يكون كل «هامش» شبيهاً بـ«القصة القصيرة».



الرواية كان بها العديد من المواقف الساخرة واللغة التهكمية لدرجة أنَّ البعض شبَّه هذا الأسلوب بكتابات بلال فضل.. هل تعجبك فكرة المقاربة؟

وارد التشابه، وأنا أحب جداً أسلوب الأستاذ بلال فضل في الكتابة، وأحب جداً روايته «أم ميمي»، وأعتبرها روايةً فارقةً.


روايتك الثانية «في رحاب البطل كانت لنا أيام» بأحداثها وشخصياتها التي تنتمي إلى جنسياتٍ مختلفةٍ، دارت كلها أيضاً في إسبانيا.. هل كانت تلك الرواية هي الجزء الثاني من رواية «مسيرة فلان العلاني في برشلونة»؟

لم تكن الرواية جزءًا جديداً من «مسيرة فلان العلاني في برشلونة»، ولكن بها «تماسٌ واضحٌ» مع الرواية الأولى؛ في الوقت نفسه يمكن قراءة كل روايةٍ على حدةٍ، ولكن إذا قرأت الروايتين مع بعض ستكون قيمةً مضافةً.



ضجت الرواية بشخصياتٍ كثيرةٍ من جنسياتٍ مختلفةٍ يربطهم المكان.. أنت بصفتك كاتباً شاباً ومثقفاً.. كيف ترى أزمة اللاجئين المثارة الآن في الساحة المصرية؟

اللاجئون «على عيني ورأسي»، وجود السوريين في مصر أفاد الاقتصاد المصري، لا أحب اليمين المتطرف الذي يهاجم اللاجئين دائماً.



تناولت في الرواية فكرة «النبوءة المفسرة لذاتها» التالية لكتاب «صدام الحضارات» لـ«صموئيل هنتنجتون» الذي تنبأ بتوجه المسلمين نحو التطرف والعنف ثم وقوع تفجيرات «11 سبتمبر».. هل حاولت تقديم قراءةٍ جديدةٍ لتلك الأحداث من خلال منظور روائي؟

لا أستطيع الادعاء بذلك، فكرة النبوءة المفسرة لذاتها موجودة في النظريات السياسية بشكلٍ أو بأخر، ولكن أنا عالجتها في الرواية بطريقةٍ ساخرةٍ من خلال الحديث عن أحداث «11 سبتمبر».. فعندما تظل تصف شخصاً بأنه «إرهابي… إرهابي»، فإنَّه سيتم التعامل معه على هذا الأساس، وهذا لا يمنع أن هناك إرهاباً معتمداً على «الإسلام السياسي».



بعيداً عن السياسة وصراعاتها المحلية والعالمية.. هل يمكن أن نجد «نبوءةً مفسرةً لذاتها» في عالم الأدب؟

ممكن، لو تحدثنا من ناحية «التنميط»، فأحياناً نجد أنَّ الغرب يضع الكاتب العربي في خانةٍ محددةٍ حتى يترجم له أعماله الروائية، فيجب أن تتحدث تلك الروايات عن «الإرهاب»، «القهر».. ولو صاحب العمل «كاتبةً»، فنجد أنَّ العمل يجب أن يتحدث عن حقوق المرأة أو التعدي على تلك الحقوق.



تحدَّثت في روايتك عن فكرة «الأبطال من ورق الذين سيأتون في آخر الزمان بعد أن يتجاوز الظالمون المدى».. هل ترى أن ثورة يناير كان بها أبطال من ورق؟

نعم.. أي «ثورة» يكون بها دائماً «أبطال من ورق»، وليست ثورة يناير فقط.


روايتك الثالثة «سوسو بابا» كان بها انتقادات كثيرة مثل نقدك لتدهور النقد العربي.. هل حاولت من خلال تلك الرواية محاكمة الوسط الثقافي؟

بوادر تلك الرواية ظهرت من نص «مسيرة فلان العلاني في برشلونة»، ولكن توسعت أكثر في «سوسو بابا»، فكرة محاكمة الوسط الأدبي يمكن كان لها علاقة ببطل الرواية فهو «ناقدٌ أدبيٌ متمردٌ» فكان من الطبيعي أن يقول آراءه بوضوحٍ في الوسط الثقافي.



بمناسبة أنَّ روايتك الثالثة «سوسو بابا» كان بها حديثٌ ممتدٌ عن الثقافة والأدب.. هل ترى أنَّ لدينا «مثقفون كبار» الآن مهمومون بطرح «القضايا» أم انتهى هذا الزمن؟

بالتأكيد يوجد هذا النوع من المثقفين؛ ولكن من وجهة نظري السؤال الأهم من ذلك: «هل دا عامل إيجابي ولا سلبي؟»، بمعنى أنه يهمني في «المثقف» أن يطرح أفكاره ويعرض قضاياه بطريقةٍ فنيةٍ تعجبني، أنا مثلاً لا أستطيع قراءة رواية «الأم» للكاتب «مكسيم جوركيّ»، ولكن لدينا أسماء من النوعية التي أفضلها مثل: محمد المنسي قنديل، نائل الطوخي، بلال فضل، عزيز نِسين، جورج أُوريل، حتى خوان خوسيه مياس.


طرحت في الرواية فكرة تدهور النقد العربي من وجهة نظر البطل.. ماذا عن الواقع؟

المتابعة النقدية الموجودة لا تتناسب مع الإصدارات المطروحة؛ الكاتب مضطرٌ أن يذهب للناقد ويمده بالكتاب حتى يجد له قراءةً نقديةً. وفيما يخص كتابة «الريفيوهات» على «السوشيال ميديا» وتسليط الضوء على الأعمال الجديدة، فأنا غير متابعٍ لهذا المشهد بالكامل للأسف أو لستُ محيطاً به، ولكن في العموم أي شخص يكتب رأيه في العمل فهذا سلوك إيجابي جداً، وأنا معنديش قصة السؤال اللي بيتم طرحه: «أنت مؤهلاتك إيه عشان تتكلم؟» من حق القارئ أن يقول رأيه في أي عملٍ.

أحياناً نجد حديثاً عن عدم تقدير «الكُتَّاب» أو عدم تحقيقهم مكاسب أو شهرةً مثل لاعبي كرة القدم.. كيف ترى ذلك؟

أنا ضد فكرة «الصعبانيات» تماماً مثل أن نقول: «يا عيني بص دا العلماء مش بياخدوا فلوس..»، حتى «نجومية» الكاتب أو الروائي أرى أنَّ لها «سقفاً» ومن الطبيعي ألاَّ تكون مثل نجومية لاعب الكرة مثلاً. أنا أحب الكتابة لأني أعبر من خلالها عن نفسي جيداً، وحتى أكون مفهوماً من الآخر من خلال الكتابة، وأكون سعيداً بذلك.



ذكرت في روايتك «سوسو بابا» أنَّ الكتابة هي إعادة كتابة وأنه لا يمكن النظر إلى المسودة الأولى على أنها النص… هل تعرض مسودات رواياتك على أصدقاء أو مقربين؟

مبدئياً أنا لي أصدقاء كثيرون يعرضون أعمالهم عليَّ، ولا أعلم لماذا يثقون بي؟ بالنسبة لأعمالي أنا جربت فكرة عرض المسودات على آخرين ولكن توقفت عن هذا الأمر الآن، ولا يحدث إلاَّ نادراً وفي أعمال خاصة بـ«أدب الأطفال»، هذا التوقف سببه أنني وجدتُ أنني أتأثر سلبياً بالآراء، أحياناً تكون هناك «طزاجة» في الفكرة داخل «دماغي»، وعندما يقرأها أخر لا تكون بالصورة التي بداخلي، حتى لو تلقيتُ رأياً إيجابياً سأتأثر به ويجعلني أعمل في هذا الاتجاه الذي يراه إيجابيا.



أما الرأي السلبي فيجعلني لا أستطيع استكمال العمل، أنا لديَّ عمل لم أستطع استكماله حتى الآن بسبب رأي سلبي تلقيته، وأتعافى منه إلى الآن، من الممكن أن أهتم بالرأي السلبي ولكن بعد النشر؛ «أنا معنديش حتى العند في الكتابة».

صدرت لك «3» رواياتٍ، ولك نصوص في أدب الصغار، وتكتب أيضاً المسرحية.. هل هذا يعني أنك تفضل التنوع في الكتابة؟

أنا تكونت ذاتياً من كتابات جيل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس؛ هؤلاء كانوا متنوعين في الكتابات التي يقدمونها وفكرة التخصص جاءت لاحقاً، كلهم كتبوا مسرحياتٍ ورواياتٍ؛ يوسف إدريس لديه إنجازات في المسرح بنفس وهج نجاحه في القصة القصيرة، «التنوع» هذا ما أحبه، وأستمتع بالكُتَّاب الذي يمتلكون تجارب كثيرةً؛ «ذوقي» لا يتجه إلى الكاتب المتخصص الذي يكتب الرواية فقط أو القصة القصيرة فقط.. أنا أعتبر نفسي «كاتب أطفال بريح عندما أكتب الرواية»، وأكثر حاجة أستمتع بها هي الكتابة للطفل.

هذا التنوع في الكتابات يجعلنا نتساءل: من أين يأتي محمد كسبر بأفكار أعماله؟

مصادر «الإلهام» كما يسمونها «متنوعة»؛ من التجارب الشخصية، الحاجات الذاتية، الحوارات، أو «رزق»، ولكن في العموم أرى أنَّ «معالجة الفكرة» أفضل وأهم من «الفكرة» ذاتها.



«التنوع» لديك انتقل من الكتابة إلى دور النشر؛ لك تجارب مع دور النشر الخاصة مثل «المصرية اللبنانية» و«المحرر» ثم مؤسسة نشر حكومية هي هيئة قصور الثقافة، ماذا عن هذا التنوع؟ وهل واجهت روتين النشر الحكومي الذي عاني منه كثيرون؟

لا أدَّعى أيضاً أنني وصلت إلى «مرحلة الرفاهية والمقارنات» في اختيار «دور نشر» كتاباتي؛ ولكن العمل ممكن يكون مناسباً لدار نشرٍ معينةٍ، وبالطبع كل «دار نشر» لها مميزاتها وعيوبها.



لم أتعرض أو وجدتُ معاناةً من «الروتين الحكومي» عند نشر أعمالٍ مع الهيئة العامة لقصور الثقافة؛ فعندما نُشرت روايتي «في رحاب البطل كانت لنا أيام» ضمن سلسلة «إبداعات» كان رئيس التحرير هو الأستاذ علاء خالد، وهو ليس موظفاً حكومياً ولكن جاء لإنجاز مهمةٍ معينةٍ وهي نشر الأعمال التي تستحق؛ هو شخص من خارج «البيروقراطية الحكومية» وظهرت الرواية في عامٍ. أيضاً لي مسرحية صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في عامٍ. يمكن القول أنني كنت محظوظاً.



تُقيم في الإسكندرية بصفةٍ دائمةٍ.. ألم يطاردك هاجس الاستفادة من أضواء وبريق القاهرة والاندماج في عالمها الثقافي وأماكنها من خلال الإقامة الدائمة بها؟

أنا أرى أنَّ فكرة الربط بين «التحقق» في عالم الأدب والإقامة في القاهرة والاستفادة من أضوائها والجلوس على مقاهيها، تحتاج بالفعل إلى إعادة نظر، لأنها صارت فكرةً قديمةً وكوميديةً تشبه مَنْ يستخدم «الجمل» في الوصول والتنقل. «السوشيال ميديا» كسرت هذه الفكرة، ولكن في الوقت نفسه أنا ليس عندي فكرة «شيفونية الإسكندرية»، هي مدينةٌ مثل أي مدينةٍ.



مَنْ الكُتَّاب الذين ترى أعمالهم معبرة عن الإسكندرية.. وهل نجد لك قريباً عملاً يدور عن عالم تلك المدينة؟

أنا لا أحب فكرة «التنميط»؛ بمعنى أنني من الإسكندرية فبالتالي سأكتب عنها عملاً، وحالياً ليس لديَّ عمل عنها، فكرة التأثر بالمكان أعتقد أنها لم تعد موجودةً في عصر «السوشيال ميديا»، فيه تحولات خاصة بالمكان «لازم تتفهم»، لأن فكرة الارتباط بالمكان صارت صعبةً وصارت تحتاجُ إلى إعادة نظرٍ. وليس من هواجسي البحث عن كيف عبَّر هذا الكاتب عن الإسكندرية، ولكن كقارئ توجد كتابات عن الإسكندرية أُعجبتني مثل كتابات إبراهيم عبد المجيد وإدوارد الخراط ومحمد جبريل وعلاء خالد.

حصلتَ على ماجستيرٍ في العلوم السياسية من جامعةٍ إسبانيةٍ، كيف استفدت من تخصصك في كتابة رواياتِك؟

في وقتٍ ما، كان من ضمن «هواجسي» معرفة كيف تأثَّر عمار علي حسن أو عز الدين شكري فشير بالعلوم السياسية في رواياتهم؛ بمعنى: «الأدب بتاع اللي درسوا علوم سياسية عامل إزاي؟»، يمكن أكثر من محاولة معرفة كيف كتب آخرون عن الإسكندرية.


وأُعجبت في وقتٍ ما بأعمالٍ لـ«عز الدين شكري فشير» مثل «باب الخروج» و«عناق عند جسر بروكلين»، وأحسست أن روايته «كل هذا الهراء» منشورٌ سياسيٌ أو مقالات يعني.


عربياً، أعتقدُ أن غازي بن عبد الرحمن القصيبي هو أنجح وأكثر من وظَّف العلوم السياسية في رواياته مثل «شقة الحرية» التي بها تأثرٌ واضحٌ بشغله، هو بيعمل هذا الأمر بطريقةٍ فنيةٍ ويثير أموراً يجعلك تحب تقرأ عنها في كتبٍ أخرى، بالنسبة لي هو تجربةٌ ملهمةٌ.


ونعم تأثرت بدراستي في الكتابة الروائية، العلوم السياسية تكشف لك الحياة على حقيقتها، تظهر لك «الجانب القاسي» في النفس البشرية، وبتشيل «الماكياج»، وتبين الصراع الخفي والمصلحة، هذا أمر يؤثر بشكلٍ «مش واعي» ولكن موجود عند كتابة الشخصيات، عموماً أنا أرى أنَّ الأديب يجب أن يأخذ مسافةً من الأحداث إذا كان يريد كتابة حاجة حلوة، ولكن لا ينعزل بالشكل الكامل حتى لا تكون كتاباته مجرد «مقالات».



مَنْ أكثر كاتب أثَّر فيك أو أنت معجب بكتاباته؟

توفيق الحكيم؛ أنا مفتون به، الرجل دا «يعقد»، أسلوبه لغز، كيف كان يكتب بكل تلك السلاسة والإبداع، مقولة السهل الممتنع تنطبق عليه تماماً.



تحدثت في روايتك عن فكرة تدليل السلطة له.. مَنْ هو المثقف النموذج من وجهة نظر السلطة؟

من منطق الأشياء، السلطة تريد «المثقف اللي مقصوص جناحاتِه.. مش عايزة متمرد يعني»، وفي الوقت عينه يكون بيعمل «شكل» يعني.



تعرضت في رواية «سوسو بابا» لقصةِ الهجوم على أحمد خالد توفيق، مرجعاً ذلك إلى قصة «النفسَّنة».. هل هذا كان رأيُك الشخصي؟

نعم هذا كان رأيي الشخصي؛ فيه جزء من «النقد» في الوسط الثقافي عندنا يكون له علاقة بـ«النفسَّنة» والحق الذي يُراد به باطل، هذا يجب أن يكون واضحاً. «ليس شرطاً أنَّ كاتباً مبيعاته كبيرة أنه يقدم أدباً سيئاً.. وآخر يقرأ له خمسة سبعة على القهوة يقدم أدباً رفيعاً.. هناك مَنْ حققوا المعادلة الصعبة… المبيعات والجودة معاً».



هل هذا الرأي ينطبق أيضاً على أحمد مراد باعتبار أنه يجد أيضاً هجوماً من الوسط الثقافي بسبب كتاباته؟

لم أقرأ جميع أعماله، ولكن جزء من الهجوم أيضاً يكون بسبب «النفسَّنة».





ما العوامل التي شكلت الذائقة الفنية لك.. ولمَنْ تقرأ؟

بشكلٍ شخصيٍ، أقرأ كثيراً في كتب «السيرة الذاتية»، ولا يوجد عندي تفسير لذلك «النَّهم»، ولكن أجد متعةً في أن يحكي شخصٌ لي قصة حياته خاصةً لو كان شخصاً متوسطاً وليس شخصاً غيَّر مسار شعوب.



وصغيراً كنت مهوساً بالسينما، ولكن الآن «لأ»؛ عندي «بلوك مشاهدة»، السفر أيضاً من التجارب الملهمة لي، وقد سافرت إلى «3» دول: إسبانيا والعراق وإيطاليا، وأقرأ لـ غازي بن عبد الرحمن القصيمي، جورج أوريل، أوجين يونسكو، وعجبتني رواية «قريباً من البهجة» لـ أحمد سمير، محمد المنسي قنديل، أحب محمد سرور ومريم عبد العزيز.


لم نجد لك إنتاجاً في القصة القصيرة.. هل أنت مقاطع هذا الفن الأدبي الرفيع؟

يمكن هذا الأمر يرتبط بتكويني، كنتُ طفلاً وحيداً وانطوائياً، وأفضل قراءة الروايات الكبيرة الحجم التي أقضي معها وقتاً طويلاً؛ بحب مثلاً «الكاتب الحكَّاء» مثل الراحل الكبير خيري شلبي، أنا لستُ قصاصاً، ولستُ ملماً بخريطة المجموعات القصصية؛ أنا «كاتب أطفال» أكتب «الرواية» ساعات، وأكتب «المسرح» كثيراً، لكن قصة قصيرة «لأ»، على الأقل في الوقت الجاري.


هل لك طقوسٌ معينةٌ تصرّ على اتباعها في أثناء الكتابة؟

لا أحب الكتابة بين «4» حيطان، أحب الكتابة في الأماكن العامة مثل النوادي، ولكن أكون معزولاً عن الذين حولي، بمعنى يحيط بي أشخاصٌ ولكن لا أعرفهم وليست لي علاقة بهم.


هناك حديثٌ دائمٌ عن الجوائز وأهميتها في التعريف بالكاتب وزيادة مقروئية أعماله.. كيف ترى هذا الأمر؟

أرى أنَّ «الجائزة» هي الوسيلة التي تجعل الكاتب «يُعرِّف نفسه من غير ما يهين كرامته»، الكاتب بطبعه يجب أن يكون لديه كرامة، «مينفعش يروح لحد يقوله يشرفني أن تقرأ عملي»، الجائزة لها جانب معنوي مهم.



هل لديك «هواجس» خاصة بالكتابة باعتبارك تقدم إنتاجاً متنوعاً في الرواية وأدب الأطفال والمسرحيات؟

نفسي أحقق إنجازاتٍ مهمةً في «أدب الطفل»، والهاجس قد يكون له علاقة بقيمةٍ ما في مشروعك، قيمة تسيطر عليك، مثل «الحرية» بمدلولها الشامل.



أنا أرى أن «أدب الطفل» تستطيع أن ترى به تطوراً كبيراً؛ إذا قرأت أعمال الرواد في ذلك المجال ستراها عظيمةً، ولكن كان بها «جانب وعظي» واضح، «أدب الطفل» ممتعٌ وفيه خطوات هائلة؛ الصورة مهمة جداً به، وكذلك إخراج الكتاب.. حتى على مستوى الشكل تطور جداً.

اقرأ أيضاً عن «هواجس» جيل جديد يكتب الرواية في مصر.. «سلسلة حوارات».. رحاب لؤي: بدأت كتابة جزءٍ ثانٍ من رواية «قرية المائة».. وحلمي مخاطبة «اليافعين» بأعمال تحسن تلقيهم للحياة

نرشح لك: عن «هواجس» جيل جديد يكتب الرواية في مصر (سلسلة حوارات)... الروائي محمد عبد الرازق: الكتابة تجربة «فردانية» تنبع من «همٍ وسؤالٍ» شخصي والانخراط في الوسط الثقافي «مفسدة»