عن «هواجس» جيل جديد يكتب الرواية في مصر «سلسلة حوارات».. أحمد صابر: «مدينة العزلة» أصابتني بـ«عقدة» من الكتابة ورواية «أولاد حارتنا» أحدثت انقلابا في حياتي
كتب: عرفة محمد أحمد
أعترفُ بانحيازيّ الشديد لـ«أحمد صابر» من بين الشباب الذين يكتبون الرواية في مصر، في تلك القائمة المتوهجة بإنتاجها المتميز يثيرُ «صابر» إعجابي وغضبي معاً؛ الإعجاب سببه ثقافته وموهبته التي ظهرت بقوةٍ في روايته الأولى «حياة رجل ميت» الفائزة بجائزة ورشة الدار المصرية اللبنانية، أما «الغضب» فسببه توقفه عن الكتابة منذ إصدار روايته الثانية «مدينة العزلة».
بحكم صداقتنا، كنت دائماً أغضبُ منه وأطالبه بالعودة إلى الكتابة مجدداً؛ كيف يتوقف عنها وقد حقق مقروئيةً معقولةً بعمله الأول الذي نُشر مع واحدةٍ من كبريات دور النشر في مصر، ثم كان محظوظاً في نشر عمله الثاني «مدينة العزلة» مع دار نشرٍ كانت جديدةً وقتها، ولكنها سريعاً حققت صدى وتفوقاً وتميزاً وقلقاً للسلطة - أحياناً - بأعمالها، والحديث هنا عن «دار المرايا».
في حديثي معه، يبرر الروائي الشاب أحمد صابر توقفه عن الكتابة بـ«عقدة حصلت له، أو عقاب لنفسه بسبب تسرعه في إصدار رواية مدينة العزلة»، فضلاً عن حالة الإحباط التي يراها تسيطر على الوسط الثقافي.
نشأ «صابر» في شوارع وحواري «عين شمس»، وتخرج في كلية الحقوق ولكنه لم يمارس المحاماة حتى الآن، يفكر فيها مستقبلاً، اختطفه العمل لمدة «5» أعوامٍ في إحدى شركات الدعاية والإعلان، ما كان سبباً في زيارته لـ «90» % من المحافظات المصرية، لكنه توقف، واتجه منذ عامٍ ونصف العام إلى «بيع الكتب المستعملة» مستغلاً في ذلك معرفته الواسعة بالعناوين والإصدارات المختلفة في السياسة والفلسفة والتراجم، وفي الوقت عينه تؤرقه «فكرةُ روايةٍ جديدةٍ» تدور في رأسه منذ «4» أعوامٍ، يحلم بالعودة إلى الكتابة، والانتظام بها من جديد، لإنجاز هذا العمل المختلف.
قدَّم «صابر» روايتين هما «حياة رجل ميت»، وفيها يعثر شابٌ على مذكرات «رجل ميت» في شقةٍ مغلقةٍ منذ «30» عاماً، يسافر الشاب عبر تلك المذكرات في رحلةٍ تكشف سر «الحياة» المكتظة بالمآسي، والمواقف السوداوية غير المنتهية، وفي روايته الثانية «مدينة العزلة» يروي لنا سيرة مكانٍ يعصف به «وباء الوحدة والحزن»، حيث يتحول فيه السكان إلى مجرد أرقام بلا أسماء، بينما تحمل الشوارع أسماء الأشخاص المنتحرين، تتحول كل المعاني النبيلة إلى روتين آلي، يتلاشى الحب تماما ويكتسب الموت عاديته السقيمة.
أعلمُ أنك بدأت «الكتابة» متأخراً.. ماذا عن الكواليس الأولى للقراءة ثم بداية طريق التأليف؟
في الصغر، كنت أحبُ كتابة موضوعات التعبير، أحبُ قراءة قصص التاريخ الموجودة في الكتب المدرسية، ولكن علاقتي بالقراءة والكتابة الحقيقية بدأت متأخراً؛ أنا عاشق لـ«المقاهي»، وكنت أجلسُ عليها وأكتب كتاباتٍ نثريةً قصيرةً يعني، ثم كتبت قصةً «كابوسيةً» عن سيدةٍ عجوزٍ يموت زوجها، وشاركت بها في ورشةٍ تنظمها وزارة الثقافة وأدارها الكاتب والروائي والمترجم محمد عبد النبي، ولحسن الحظ فزتُ في تلك الورشة، و«عبد النبي» مؤمنٌ بموهبتي وكتاباتي.
فازت روايتك الأولى «حياة رجل ميت» في ورشة الدار المصرية اللبنانية وقُوبلت باحتفاءٍ ثم صدرت روايتك الثانية «مدينة العزلة» مع دار المرايا.. بعدها توقفت عن إصدار أعمالٍ وتقريباً عن الكتابة.. ما السر وراء ذلك؟
حصدت روايتي الأولى «حياة رجلٍ ميت» كثيراً من الآراء الإيجابية، وشعرتُ أن كل الذين قرأوا الرواية ينتظرون عملي الثاني، وبالفعل أصدرتُ روايتي «مدينة العزلة»، لكن الحقيقة شعرتُ بحالةٍ من الإحباط الشديد؛ لقد تسرعتُ في إصدار هذا العمل: «حسيت إنه كان سلق بيض كما يقولون»، شعرتُ أنَّ العمل كان به «مطٌ». السبب الثاني لـ«حالة الإحباط» التي عانيتها هو الوسط الثقافي كله؛ لا يوجد «نقد وسط»، أو أحد يتكلم بعقلانيةٍ؛ الآراء إما تطلع بك السماء، أو تخسف بك الأرض، أشعرُ أنَّ هذا الوسط كله «دوائر أصدقاء» يجاملون بعضهم البعض، وأعترفُ أنني نفسي سقطت في تلك الأزمة في وقتٍ سابقٍ.
هل طوال تلك الأعوام لم تُجبرك فكرةُ عملٍ على العودة إلى الكتابة بقوةٍ وتكرار ما حققته روايتك الأولى «حياة رجل ميت»؟
بالطبع عندي فكرة رواية منذ «4» أعوامٍ، ولكن لم أكتب منها سوى «3» آلاف كلمةٍ، وعلى فتراتٍ متباعدةٍ جدًّ ا؛ للأسف أنا غير قادرٍ على الجلوس والكتابة بانتظامٍ، بسبب حالة الإحباط المسيطرة تماماً علىَّ: «يبدو أنها عملتلي عقدة»، ظروف الحياة ليست دخلاً في عدم الكتابة، أنا كنتُ أكتب في كل الظروف، لأنني أحب الكتابة جدًّا حتى لو لم أنشر ما أكتبه، ممكن تكون حصلت «عقدة» كما قلت، أو أكون «بعاقب» نفسي على الاستسهال والتسرع في إصدار الرواية الثانية «مدينة العزلة».
ما كواليس مشاركتك في ورشة الدار المصرية اللبنانية ثم فوزك فيما بعد؟
الدار المصرية اللبنانية أعلنت عن الورشة، وتقدمتُ بقصةٍ قصيرةٍ، وكنت أصغر المشاركين فيها، وكان الروائي عمرو العادلي مشرفاً على الورشة، ويقدم لنا نصائح ويقول لنا على أسماء كتب نقرأها.
المفروض أننا كنا نكتب أجزاءً أو فصولاً من العمل خلال الورشة، ولكن أنا لم أكتب سوى صفحة ونصفٍ، لدرجة أنَّ الأستاذ عمرو العادلي كان يشعر أنني شخصٌ غير ملتزمٍ و«دماغي غريبة ومش هكمل الرواية».
ولكن كتبتُ فيما بعد فصولاً وعندما فازت تلك الفصول، أنهيتُ كتابة الرواية في شهرين أو ثلاثةٍ قبل معرض الكتاب، أنا أكتبُ بسرعةٍ لأنَّ الفكرة تظل في رأسي فترةً طويلةً، ولكن الأزمة أنني لا أحبُ مراجعة ما كتبته، ولا إجراء تعديلاتٍ: «لازم يكون حد واقف على دماغي بعصايا عشان أراجع.. بحس أنني بتساهل أو أكسل»، ولكن أجريتُ المراجعات والتعديلات وبالفعل الرواية خرجت في صورةٍ أفضل.
بما أنك أنهيت الرواية في شهرين أو ثلاثة عقب انتهاء الورشة.. برأيك هل هناك ربط بين «طول أو قِصر» مدة كتابة العمل وجودته؟
الحقيقة لا أحكمُ على الرواية بالوقت الذي قضيته في كتابتها سواء كان طويلاً أو قصيراً، المهم هو «جودة الرواية»، لا أصدق مَنْ يروجون لاستغراقهم أعواماً طويلةً في كتابة عملٍ، أشعر أنهم يصنعون «هالاتٍ» حول هذا المنتج حتى يهتم به القراء أكثر، فضلاً عن أنني غير مقتنعٍ بإجراء مراجعاتٍ أو تعديلاتٍ عقب انتهاء كتابة العمل، المسودة الأولى هي الأخيرة بالنسبة لي، لأنَّ التعديلات ستكون مصحوبةً بتغييراتٍ كثيرةٍ في العمل تحت ضغط المراجعات الكثيرة والتوتر والقلق.. قد أكون مخطئاً، ولكن هذا ما أفعله.
بصورةٍ خاطفةٍ جداً ظهر الحديث عن ثورة يناير ومظاهراتِ محمد محمود في روايتِك «حياة رجل ميت».. من وجهة نظرك هل ثورة يناير تعرضت للهزيمة؟
في العام الأول للثورة، صدقنا الفكرة الساذجة المتعلقة بنجاح ثورة يناير بعد سقوط «مبارك»، لكن في رأيي الثورة لم تنجح ولم تُهزم، هي مستمرةٌ معنا ونعاني من آثارها حتى الآن، حرَّكت وما زالت تُحرك، لقد غيرتني وجعلتني أقرأ وأتعرف إلى أشخاصٍ آخرين بدلاً عن حالة التواجد فقط في حارتنا بـ«عين شمس».
هل يُمكن أن تكتب عملاً يكشف عن تأثيرات «ثورة يناير» عليك أو يكون موضوعه عن الثورة؟
كما قلت «ثورة يناير» وتأثيراتها ما زالت مستمرةً علينا، ولكن الكتابة تكون بعد مرور وقتٍ طويلٍ عليها حتى تكتمل التجربة؛ كنت أندهشُ من الذين يكتبون قصصاً ورواياتٍ عن «كورونا» في الوقت الذي نعاني فيها من تداعيات ومخاطر تلك الجائحة العالمية، من أين وصلت لكم تلك التجربة الكاملة للكتابة عنها؟.
ما أسباب فكرة «الموت» وحضوره الطاغي في روايتين لك.. حتى أنَّ عنوان العمل الأول «حياة رجلٍ ميت» وفي العمل الثاني «مدينة العزلة» لا يجد الأشخاص خلاصاً من الوحدة والحزن سوى الانتحار؟
فكرةُ «الموت» مسيطرةٌ على عقلي الباطن، أحتاجُ إلى إخراجها في عملٍ روائيٍّ أفضل حتى لا يكون لها وجودٌ قويٌ إذا كتبتُ أعمالاً جديدةً. ومذبحة ستاد بورسعيد (وقعت في 1 فبراير 2012، أثناء مباراة كرة قدم بين النادي الأهلي والمصري، وسقط أكثر من 79 قتيل ومئات المصابين بعد اقتحاح المشجعين لأرض الملعب في أعقاب فوز النادي المصري) وراء سيطرة فكرة «الموت» عليَّ، وظهورها بقوةٍ في أعمالي؛ لي أصدقاء ماتوا في تلك الأحداث المؤسفة.
الحالة الكابوسية تسيطر على أجواء «مدينة العزلة».. وفي «حياة رجل ميت» كانت تلك الحالة ظاهرة ولكن ليست بشكلٍ كبيرٍ، هل تنجذب لكتابة تلك الأجواء في أعمالك؟
الروايات «الكابوسية» أو «السوداية» ستجد إقبالاً عليها من القراء إذا كُتبت بطريقةٍ جيدةٍ، ولكن رأيي أنه توجد حالةٌ من «البؤس والسواد» تخيم علينا من بعد 2011، وعلى فكرة تلك النوعية من الروايات ليست المفضلة لي، أنا أحب الروايات الكبيرة «الكعب»، وأستمتع بها أكثر من «النوفيلاَت»... «بحب الكاتب الرغاي».
هل ترى أن هناك كثيرين يفضلون قراءة الروايات القصيرة عن الروايات كبيرة الحجم؟
نحن في عصر «النوفيلاَت» فعلاً، وممكن الجمهور يقبل بالفعل على الروايات القصيرة «اللي بتخلص في قعدة»، بسبب كثرة المحتوى المرئي الذي يراه الجمهور على منصات «السوشيال ميديا»، وفي الفترة الأخيرة قرأتُ «نوفيلاَت» للكاتبة الفرنسية الحاصلة على جائزة نوبل «آني إرنو» مثل «الحدث» و«عشق بسيط».
في الفترة التي كتبت فيها الروايتين.. هل اتبعت طقوساً معينةً في أثناء الكتابة؟
عندما أبدأُ الكتابة أستحضرُ كل «الأفكار السوداء»، وإذا لم تكن هناك «أفكار سوداء» أستْدعي تلك الأفكار بالموسيقى الحزينة التي أشغلها دائماً أثناء الكتابة، تلك حالةٌ لا أعرف لها تفسيراً ولا أجد لها حلاً، «لازم يكون فيها مآسي»، كما أنني كتبتُ الروايتين وأنا جالسٌ على «المقهى»، أحب المقاهي جداً، كنتُ أكتبُ على الورق، ثم أنقل ما كتبته على الكمبيوتر.
أَلمْ تخشى من «تقليدية» فكرة عثور بطل الرواية على مذكرات تكشف سيرة «حياة رجل ميت».. منتشرة تلك البداية في روايات الرعب؟
بذلتُ جهداً في كتابة تلك الرواية، ولم تكن روايةً نخبويةً. كانت عملي الأول الذي كان الهدف منه أن أقول إنني موجودٌ، حتى إذا كان العمل الأول سيئاً فمن المفروض ألا يكون حكما بالإعدام على أي كاتب، أنا أصلاً حرقت الرواية منذ فصولها الأولى، مَنْ سيقرأ تلك الفصول سيعرف كيف ستسير الأمور في بقية الأحداث، وصدرت الرواية، وحققت مقروئيةً كبيرةً وتلقيت ردود فعلٍ إيجابيةٍ كثيرةٍ عليها.
حالة الحزن الشديدة واضحة في كتابتك خاصةً عندما تتحدث عن مشكلات الحياة.. هل أنت في الواقع كذلك؟
تعلمتُ أعيش مع المشكلات لأنه سيأتي يوماً وستُحل، هناك حالةٌ من الإحباط كامنة داخل الواحد من بعد 2011، أعتقد أنه قبلها كنت عائشاً وكأنني أضع عُصابة على عيني تمنع عني رؤية الكثير من المشاهد، لكن فجأةً رأيت كل شيء؛ العالم أسوأ مما نتخيل، ولن يسير دائماً كما أريدُ أو على «مزاجي»، أحياناً يتخيل البعض أنني «متوحدٌ»، ولكن أنا شخص اجتماعي.
الروايتان كان بهما ملمحٌ سياسيٌ واضح خاصةً «مدينة العزلة» وفكرة الثورة على الحاكم… هل تجذبك الرواية السياسية قراءةً وكتابةً؟
تجذبني الرواية السياسية في القراءة إذا كانت مكتوبةً بذكاءٍ مثل رواية «حفلة التيس» لـ ماريو بارجاس يوسا، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب؛ تلك الرواية أعتبرها تحفةً فنيةً وأدبيةً.
وفي المستقبل من الممكن أن أكتب روايةً سياسيةً؛ أنا أحتاجُ الرجوع إلى الحالة الإيجابية الخاصة بالكتابة، ثم البحث بعد ذلك عن أفكار للكتابة.
منذ الندوة التي جرى فيها مناقشة رواية «مدينة العزلة» وأنت بعيدٌ تماماً عن المشاركة في الفعاليات والندوات الثقافية.. لماذا؟
أخرى أكتب «منشور» عن كتابٍ أو روايةٍ قرأتهما، ولكن ليس من طبعي الشخص حضور الندوات والفعاليات، ولا يمكن أن تنشأ علاقةٌ بيني وبين كاتبٌ قائمةٌ على الثقافة «معرفش أعمل دا ولا أشارك في مجاملات»، من الممكن أن أكتب عملاً بعد ذلك فأجد مجاملاتٍ من أصدقاء «ويمكن العمل دا يكون أي حاجة».
هل كان هناك متابعة واستقبال للروايتيّن اللتين نشرتّهما؟
روايتي الأولى «حياة رجلٍ ميت» أخذت حقها كاملاً الحقيقة؛ لقد فازت في ورشةٍ، ونُشرت مع دار نشرٍ كبيرةٍ هي الدار المصرية اللبنانية، كنت محظوظاً في نشر أول عملٍ، ووضعتني تلك الرواية على الطريق الصحيح وكان لها جمهور. على الرغم من أنني لستُ راضياً عن الرواية الثانية «مدينة العزلة»، إلاَّ أنني أرى أنها أخذت حقها، وتقريباً كانت أول عملٍ أدبيٍّ يُنشر مع «دار المرايا».
كيف ترى أزمة «الشلل الثقافية» أو الكُتَّاب الذين يحاولون صنع «أولتراس» حولهم؟
هذا موجودٌ في الوسط الثقافي، «بؤس طبعاً»، والأخطر من ذلك موضوع المجاملات الزائدة عن الحد، ولكن أرى أنَّ «أفضل حاجة في الكتابة أنَّ الزمن هو اللي بيفلتر»؛ أنا شخصياً بعد «7» أعوام من إصدار روايتي الأولى «حياة رجل ميت»، أجد شخصياتٍ قرأتها وأُعجبت بها، بعكس الرواية الثانية «مدينة العزلة»، أنا قاسٍ على نفسي في الحكم على الكتابة.
هل شاركت بعملٍ لك في مسابقات الجوائز الثقافية مثل «ساويرس»؟
للأسف الشديد «أنا لستُ شخصاً تنافسياً.. ولا أنتظر شيئاً من الكتابة»؛ عندما شاركت في ورشة الدار المصرية اللبنانية كان بضغطٍ من شخصٍ لا أتذكر اسمه الآن، وكذلك شاركت في إحدى المسابقات برواية «حياة رجل ميت»، أما روايتي «مدينة العزلة» فالدارُ الناشرة لها «المرايا» هي التي طلبت المشاركة بها. أنا أحب الكتابة فقط دون انتظار مكاسب، قد يكون هذا «كليشيه/عبارة متداولة» ولكن تلك هي الحقيقة يعني.
كتبت روايتين.. ماذا عن علاقتك بالقصة القصيرة؟
أنا كتبت مجموعةً قصصيةً وأرسلتها للهيئة العامة لقصور الثقافة، ثم ردت عليَّ الهيئة بالموافقة على النشر، وحدثت مشكلة جعلت أخر يأخذ «دوري» في النشر، المهم أنَّ تلك المجموعة «الحمد لله أنها لم تُنشَّر»؛ لقد كانت مجموعةً سيئةً، أحرقتها، ومسحتها من على الجهاز، ولا أتذكر أسمها حتى.. أنا لا أثق في كتابتي بسهولةٍ.
احترفت مهنة «بيع الكتب» من خلال جروبك «ميرامار.. كتب مخفضة» على فيسبوك.. كيف دخلت إلى هذا المجال؟
أنا حاصل على ليسانس حقوق «كلية الشعب»، وأفكر أعمل محامياً، وعملت «5» أعوامٍ في شركةٍ للدعاية والإعلان، تقريباً ذهبت إلى كل محافظات مصر، وتعرفت إلى نوعياتٍ مختلفةٍ من الناس، وقصة «بيع الكتب» كانت في تفكيري ولكن لم أكن أمتلك الشجاعة للبدء فيها؛ ولكن بالمصادفة أشتريتُ مكتبة رجل ميت، أخذت منها ما أريده وبعت ما لا أريده من خلال «تويتر»، ثم دشنت جروب «ميرامار.. كتب مخفضة» لبيع الكتب المستعملة بأسعارٍ مخفضةٍ على «فيسبوك»، وعرفت طريق المخازن التي تبيع الكتب، والصفحات الأخرى على «السوشيال ميديا»، أرى أنني «دودة كتب»، وعلى درايةٍ كبيرةٍ بالعناوين التي يريدها القراء حتى لو كانت عناوين كتبٍ نخبويةٍ في الفلسفة والرواية والسياسة والترجمة، فلماذا لا أستغلُ تلك المعرفة؟ وقد كان.
تعشق أنت كتابات نجيب محفوظ لدرجة تسمية جروبك باسم روايته «ميرامار».. منذ متى بدأت التعلق بكتابات سيد الرواية العربية؟
تجربةُ نجيب محفوظ مبهرةٌ، كانوا يقولون عنه إنه جبانٌ وليس صدامياً ولا يُعلن عن آراء واضحة في رواياته، وعندما أقرأ أعماله بحبٍ وتركيزٍ أتأكد أنه ليس كذلك، ورواياته شجاعةٌ، عندما قرأتُ روايته «أولاد حارتنا» أحدثت انقلاباً وتحولاً في حياتي: «عملت لي خرم في دماغي»، أعتبرها واحدةً من أكثر اللحظات المؤثرة في حياتي، «كنت إنساناً هادئاً وفجأةً وجدت نفسي وسط الشارع»، كيف استعان بحكاياتٍ عددٍ من الأنبياء (حتى لو بصورة رمزية) في كتابة تلك الرواية؟ فضلاً عن شغفه وانتظامه في الكتابة بصورةٍ يوميةٍ.
كيف تكونت ذائقتك الفنية من خلال القراءات وما الأسماء التي تفضل قراءة أعمالها؟
كما قلتُ لك أعتبر أنَّ «أولاد حارتنا» أول روايةٍ قرأتها ومن بعدها انطلقتُ، كنت أنزل «فرشة الإسعاف» وأشتري كل روايةٍ أمتلك ثمنها، ذائقتي في البداية تكونت بعشوائيةٍ، لاحقاً قرأت روايات الهلال، أحببت بعض أعمال توفيق الحكيم، وأقرأ لـ محمد عبد النبي ومحمد خير كتابته حلوة جداً وفريد عبد العظيم، ثم أحب أدب أمريكا اللاتينية.
أنا مغرمٌ بـ ماريو بارجاس يوسا، جابريل جارثيا ماركيز، جوزيه سامارجو، أحب «تولستوي»، «أنا بحب الكاتب الرغاي كما»، ودول أعمالهم كبيرة.
مِنْ خلال الاحتكاك بالقراء والعناوين التي تبيعها.. هل نحن في رأيك دولة تقرأ؟
نعم.. عدد القراء في مصر كبيرٌ وعظيمٌ جداً، وهناك تنوعٌ في القراءات، لم أكن أتخيل مثلاً أنه يوجد قراء كتبٍ عن تربية الكلاب أو الملاكمة، تلك النوعية من المؤلفات كنت أعتبرها مجرد عرض على الأرصفة أو باعة المكتبات، يخطئ مَنْ يتصور أو يقيس عدد القراء بالمنصات الإليكترونية فقط، وأنا العميل المحظوظ لديَّ أجد العناوين التي يريدها بسرعةٍ في المخازن، ومستقبلاً إن شاء الله عندما تستقر الأوضاع الاقتصادية، أفكر في افتتاح مكتبةٍ للكتب المستعملة، هذا السوق يومياً يكتسب عملاء جدد، عدد التجار بيكبر، وكذلك عدد القراء.
هل أفادتَك عملية بيع الكتب بعد عامٍ ونصفٍ من الانتظام بها؟
نعم.. أشعر أنها تشجعني على العودة إلى الكتابة ثانيةً وبشكل أسرع، أو أنها تعيد إلىَّ «شغف الكتابة» بسرعةٍ أيضاً.
ما مشروعك أو هواجسك الحالية في الكتابة؟
أنا أريد العمل وكتابة الرواية التي أفكر فيها منذ «4» أعوام؛ تلك الرواية سيكون بها سردٌ متداخلٌ، وهي تدور عن عوالم الطبقات «اللي تحت الفقيرة»، هناك مناطقٌ شعبيةٌ تجدُ فيها شخصياتٍ تسير في الشارع وتشبُه «الزومبيّ» من كثرة الشرب، تقريباً بطل الرواية سيكون شخصاً من تلك النوعية.