


في ذكرى ميلاد أحمد مظهر.. فارس السينما المصرية الذي جمع بين البطولة والفن النبيل
كتب: محمود عبد العظيم




في مثل هذا اليوم، الثامن من أكتوبر عام 1917، وُلد في حي العباسية أحد أنبل وأجمل الوجوه التي عرفتها السينما المصرية، الفنان الكبير أحمد مظهر، الذي استحق عن جدارة لقب «فارس السينما المصرية» — ليس فقط لأنه كان ضابطًا وفارسًا في سلاح الفرسان، بل لأنه ظل طوال مسيرته الفنية فارسًا في مواقفه وأخلاقه واختياراته، وفي الصورة الراقية التي قدّم بها الفنان المصري أمام العالم.
من الميدان إلى الشاشة
تخرّج أحمد مظهر في الكلية الحربية عام 1938، وكان من زملائه في الدفعة الرئيسان جمال عبد الناصر وأنور السادات. شارك في حرب فلسطين عام 1948، وتولّى بعدها قيادة مدرسة الفروسية، قبل أن يتجه إلى عالم الفن، الذي وجد فيه امتدادًا لروح البطولة والشرف التي حملها في الميدان.
بدأت موهبته في الظهور حين قدّمه زكي طليمات على المسرح في مسرحية الوطن عام 1948، ثم اختاره المخرج إبراهيم عز الدين لفيلم ظهور الإسلام عام 1951، مستفيدًا من مهارته في الفروسية. لكن الانطلاقة الحقيقية كانت مع فيلم «رد قلبي» عام 1957، الذي فتح له أبواب النجومية، ليصبح رمزًا للأدوار الراقية والفارس النبيل والعاشق الرزين.
مجد خالد في «الناصر صلاح الدين»
جاء فيلم «الناصر صلاح الدين» للمخرج يوسف شاهين ليخلّد اسم أحمد مظهر في سجل الخلود السينمائي، حيث جسّد ببراعة شخصية القائد العربي المسلم الذي جمع بين البطولة والحكمة والإنسانية. وقدّم أداءً مميزًا جمع بين وقار الضابط المصري وثقافة الفنان الواعي، فصار الدور علامة فارقة في تاريخ السينما العربية.
فارس لكل الأدوار
لم يقتصر تألق أحمد مظهر على الأدوار التاريخية، بل أبدع أيضًا في الكوميديا الراقية مثل «الأيدي الناعمة» و«لصوص لكن ظرفاء»، وأتقن تجسيد شخصية الأرستقراطي المثقف والنبيل البسيط، محافظًا على سحره وتواضعه في كل دور أدّاه.
وفي سبعينات القرن الماضي، قدّم أعمالًا خالدة مثل«إمبراطورية ميم» و«الشيماء» و«الأخوة الأعداء»، مجسدًا جيلًا آمن بأن الفن رسالة سامية قبل أن يكون وسيلة شهرة.
حضور ممتد في الدراما
امتدت مسيرة أحمد مظهر إلى الدراما التلفزيونية، حيث شارك في مسلسلات مهمة مثل ضمير أبلة حكمت وليالي الحلمية، كما قدّم عددًا من الأعمال الإذاعية والمسرحية التي أبرزت عمق موهبته واتساع أفقه الفني.
تكريم يليق بفارس
نال أحمد مظهر وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1969 من الرئيس جمال عبد الناصر، كما كرّمه الرئيس أنور السادات في عيد الفن عام 1981، إضافة إلى عشرات الجوائز المحلية والدولية التي تُوجت بها مسيرته المضيئة.
الرحيل الهادئ
في الثامن من مايو عام 2002، ترجل الفارس عن جواده بعد صراع مع الالتهاب الرئوي، عن عمر ناهز الرابعة والثمانين. رحل أحمد مظهر، وبقيت ذكراه حيّة في قلوب محبيه، وفي ذاكرة الفن المصري والعربي، كرمز للرجولة والأناقة والفن الأصيل في زمن الفن الجميل.