Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

على طريقة مسلسل «عباس الأبيض في اليوم الأسود».. فوزي الشوربجي رجل عاش أهوال الحروب

 كتب:  ياسمين عزت
 
على طريقة مسلسل «عباس الأبيض في اليوم الأسود».. فوزي الشوربجي رجل عاش أهوال الحروب
فوزي الشوربجي
على طريقة مسلسل «عباس الأبيض في اليوم الأسود».. فوزي الشوربجي رجل عاش أهوال الحروب
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

هرب من آثار حرب منتهية، إلى أحضان حروب وأهوال جديدة، ظن أنه ساعيا للترف والحياة الناعمة، ليفاجأ بحياة متقشفة تحفها المخاطر، ذهب شابًا تاركا زوجة وأسرة، ليعود كهلًا بزوجة أخرى وأبناء جدد، وبعد غياب 40 عام، استقبلته الزوجة التي امتنعت عن كل ملذات الحياة، إلا عن انتظاره وأملها في عودته.

هو الرجل السبعيني "فوزي الشوربجي" الذي نشأ بين أحضان ريف قرية بني اشبل بمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، تذكرنا قصته بالمسلسل الدرامي الشهير "عباس الأبيض في اليوم الأسود" بطولة النجم يحيى الفخراني، قد تختلف الأحداث لكنها نفس المعاناة، فالاثنين هاجرا مصر قاصدينا العراق، لتستضيفهم سنوات وسط أهوال الحروب.

يقول "فوزي الشوربجي": "كنت ضابطا بالقوات المسلحة المصرية، لمدة 20 عام أعيش في الصحراء بين الجبال والرمال، وشاركت في حرب الاستنزاف وكذلك أكتوبر المجيدة، قلت لنفسي حان وقت الحياة والترف، وسويت معاشي كنت وقتها في ريعان الشباب، كما كنت زوجا وأب لـ6 أبناء، وقع الاختيار وقتئذ على العراق، حسبما دلّني أحد أصدقائي".

ويتابع الشوربجي: "كنت قد تعرضت لإصابة بطلق ناري أثناء خدمتي بالجيش، واستأنفت عملي لمدة عامين، رغم صعاب الحياة القاسية، ثم احتفلت مصر بالنصر المجيد، وهنا شعرت بأني قدمت ما بوسعي للوطن الذي صار آمنا، وانطلقت لعالم جديد إلى العراق"، لافتا إلى أن معرفته بالقيادة مكنته من العمل كسائق سيارة نقل ثقيل "تريلا"، وبالتالي توفير فرصة عمل في مجتمعه الجديد.

كانت الحياة في العام الأول بالعراق مزدهرة، إذ عمل الشوربجي في نقل البضائع ما بين العراق وسوريا وعمان والأردن، كان في هذه الفترة متواصلا مع أسرته وعائلته بمصر، إلى أن وقع في حب شابة عراقية، تزوجها في العام الثالث من إقامته بالعراق، رغم رفض قبيلتها مصاهرته، إلا أن والدها اتخذه ولدا وزوجا لها، معلقا: "انخرطت في العمل والانشغال بالحياة الجديدة وعشت كما لو لم أعش من قبل في مصر".

كان الشوربجي محظوظا إذ التقى من خلال أصدقائه العراقيين بالرئيس الراحل "صدام حسين" المحب للمصرين والمحتفي بهم على الدوام، ويقول: "انبهرت بذكائه ونظرته الثاقبة خلال لقاء جمعني به، فبمجرد نظرة لوجهي، ربت على كتفي مرحبا بي، مرددا على مسامعي:"زين الرجال المصريين، زين العرب الأشقاء"، مشيرا إلى منحه وسام أو نوط الصداقة مع الرئيس، والذي كان يتقاضى راتب شهري بموجب شهادة الصداقة تلك".

انقلبت الحياة رأسا على عقب، وأتت الرياح بما لن تشته السفن، فقد ترك الشاب الضابط المصري وطنه هربا من الحياة القاسية، أملا في حياة الرفاهية، ألا أن الأحداث كانت ساخنة للغاية في العراق، إذ دارت الحروب والمعارك بينها وبين إيران والتي استغرقت نحو 8 سنوات، موضحا الوضع الاقتصادي والسنوات العجاف التي عاشوها في ظل الحروب.

يضيف الشوربجي: "أغلقت الحدود ولم أجد فرصة للعمل فينقل البضائع كما السابق، وتأزمت الأوضاع الاقتصادية، لافتا إلى صعوبة العثور على رغيف الخبز أو عود الثقاب، ظل لسان حاله يقول: "ليتني ما غادرت مصر جنة النعيم، هربت من أثار حرب منتهية، لأعيش حروب متتالية"، فس الوقت نفسه بلغت ثمرة زيجته العراقية نحو 5 أبناء.

انحنى ظهره من حمله الثقيل، ففي عنقه مسؤولية كبيرة فتاتين وولدين وأمهم التي قاطعت قبيلتها للزواج منه، ظل يكافح ويحتمل أهوالا صعاب لأجل سد احتياجهم وحمايتهم من المعتدين وسط الظروف غير الآمنة، كما تعددت أعماله ما بين جرسون بمطعم، شيالا، وربما حداد، كل ما يشغله توفير قوت أبنائه العراقيين، متناسيا أبنائه المصريين في نفس التوقيت.

 كان الحنين لوطنه مصر يداعبه بل ويجبره على التمسك بالعودة، فضلا عن الحياة القاسية والأهوال التي عاشها، إلا أن غلق الحدود والأوضاع السياسية كانت عائقا كبيرا وكذلك حصار أمريكا للبلاد وقتئذ، ويعود بذاكرته إلى الوراء نحو 35 عام: "كنت أعيش فزعا دائما فأنا غريب أعيش أهوال حرب، ولدي صغار وزوجة، ومع تقدم ابنتي في العمر، تملكني الخوف أكثر، فقد كنت أنام غير مغمض العينين، وبندقيتي خلف الباب، لأحمي عرضي".

تعلقه بوطنه وحنينه الدائم له، جعله يبحث عن المصريين في كل شبر بالعراق، إلى أن تعرف على شابين مصريين زوجهما بناته من أجل الاحتفاظ بالهوية المصرية، واحدة في القاهرة وأخرى في المنصورة، ويشير الشوربجي إلى أن الاتصال بأسرته وبلدته بدأ منذ الزيجتين المباركتين، مؤكدا عليهن بالتواصل مع أهله، الذي ظل سنوات عديدة يروي لهم عن ذكرياته وبلد نشأته وهويته الأصلية.

كانت المفاجأة من قبل الأسرة المصرية، فكانت الظنون أخذت مآخذها من اهله في مصر وظنوا أنه فارق الحياة فلم يعد بينهما أي وسلة للتواصل، مؤكدا: "بعدما ظنوا أنني توفاني الله، كان الخبر مفاجئا لهم بزيارة ابنتي المتزوجة بالدقهلية لهم وأطلعتهم على أنني مازلت حيا أرزق، قابلوها بحفاوة وترحاب شديد، ومن بعدها والدتها العراقية التي أتت إليهم تزورهم وتتعرف عليهم، قابلوها هي الأخرى بحفاوة "، مستكملا: " ثم تواصلت معهم عن طريق الإنترنت والتليفون الذي ظل مقطوعا طوال سنوات عديدة خلال الحروب"

ويختتم "الشوربجي": قدمت إلى مصر وأنا يجتاحني الشوق والحنين، كما الحت رغبة الاستقرار لمصر وأن أدفن بها فها أنا في آخر أيامي، وكانت المفاجأة أن استقبلتني زوجتي المصرية بكل حب وترحاب كما لو كنت مفارقها منذ يومين وليس 4 عقود من الزمن".

ربت على كتف زوجته المصرية مادحا إياها وصبرها على أن تتحمل مسؤولية تربية الأبناء وحدها دون عائل أو سند كما أنه مشفقا عليها لتجرعها مرارة موت أحد أبنائها برصاص طائشة في أحد ليالي الأفراح في قريتهم، بينما يرى سماحتها حينما استقبلت ضرتها وأبنائه العراقيين، إلا أنه متفهما لغضب فتاته الصغرى التي لم تعش معه، ويحاول أن يمنحها قدرا كبيرا من الحب والتعويض حسب قوله وقبل نهاية العمر.

ويختتم "فوزي الشوربجي" والذي قضى أكثر من نصف عمره على أرض العراق وعاش بها كما لو كان عراقيا للوطن: أنه الآن أدى رسالته وغير آسف على ما انتهى مؤكدا على أنه اختيار الله له، معبرا عن سعادته البالغة أنه الآن ينعم بوجوده على أرض مصر، متنقلا بين الشرقية، الدقهلية والقاهرة في بيوت أبنائه وأحفاده وأقاربه.

«نويبع» و«طابا» فيلمين جديدين لسينما الشعب

«نويبع» و«طابا» فيلمين جديدين لسينما الشعب