من الإحرام إلى يوم عرفة.. دليلك الشامل لأداء مناسك الحج 2023
كتب: سماح غنيم
ينتظر ملايين المسلمون حول العالم أداء فريضة الحج للعام 1444 هجريا و2023 ميلاديا، لذلك يبحث الكثيرون عن الدليل الشامل لأداء مناسك الحج بداية من الإحرام إلى يوم عرفة، وقد أعدته دار الإفتاء المصرية، للتسهيل على حجاج بيت الله الحرام ومنع وقوعهم في المحظروات.
توجيهات الإفتاء لحجاج 2023:
- إخلاص التوبة إلى الله سبحانه، وسؤاله غفران الذنوب، ليبدأ الحاج عهدا جديدا مع ربه، ويعقد معه صلحا لا يحنث فيه.
- من علامات الإخلاص أن يعِدَّ نفقة الحج من أطيب كسبه وحلاله، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.
- تطهر المسلمة والمسلم نفسه، ويخلص رقبته من المظالم وحقوق الغير، فيرد المظالم إلى أصحابها متى استطاع إلى ذلك سبيلا، ويتوب إلى الله ويستغفره فيما عجز عن رده، وأن يصل أرحامه ويبر والديه، ويتَرضَّى إخوانه وجيرانه.
- من الاستطاعة المشروطة لوجوب الحج: القدرة على تحمل أعباء السفر ومشقاته، فلا عليك أيها المسلم إذا قعد بك عجزُك الجسدى عن الحج، فإن الحج مفروض على القادر المستطيع.
- حافظ على نظافتك في الملبس والمأكل والمشرب، وعلى نظافة الأماكن الشريفة التى تتردد عليها.
- لا تكلف نفسك فوق طاقتها في المال أو الجهد الجسدي.
- احرص على راحة غيرك، كما تحرص على راحة نفسك، وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به.
- لا تُعَرِّضْ نفسك للخطر بالصعود إلى قمم الجبال، أو الدأب على السهر، ولو في العبادة.
- احرص على التواجد في الحرم أطول وقت ممكن، والنظر إلى الكعبة، وقراءة القرآن الكريم، والطواف حول البيت كلما وجدت القدرة على ذلك.
- أخبر أقرب الناس إليك بما لك أو عليك، وحُثَّ الأبناء والبنات والأهل والإخوان على تقوى الله والتمسك بآداب الدين والمحافظة على أداء فرائضه.
مناسك الحج 2023:
الإحرام:
ملابس الإحرام للرجل:
1- إزار: وهو ثوب من قماش تلفه على وسطك تستر به جسدك ما بين سرتك إلى ما دون ركبتك ،وخيره: الجديد الأبيض الذى لا يشف عن العورة "بشكير".
2- رداء: وهو ثوب -كذلك- تستر به ما فوق سرتك إلى كتفيك فيما عدا رأسك ووجهك، وخيره: أيضا الجديد الأبيض "بشكير".
3- احذر أن تلبس، في مدة الإحرام، فانلةً أو جوربا أو جلبابا أو شيئا مما اعتدت لبسه من الثياب المفصَّلة المخيطة، لكن إذا كنت مضطرا فلك أن تلبس ذلك مع الفدية.
4- نعل تلبسه في رجليك يظهر منه الكعب من كل رِجْلٍ، والمراد بالكعب هنا: العظم المرتفع بظاهر القدم
ملابس الإحرام للمرأة:
تلبس ملابسها المعتادة، الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها، ولا تكشف إلا وجهها وكفيها، وعليها ألا تزاحم الرجال، وأن تكون ملابسها واسعة لا تبرز تفاصيل الجسد وتلفت النظر، والمستحب الأبيض.
أحوال السفر لأداء المناسك:
- إذا كنت متوجها إلى المدينة المنورة أولًا فلا تحرم، ولا تلبس ملابس الإحرام، بل ابق بملابسك العادية إلى أن تتم زيارة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتنتهى إقامتك بالمدينة.
- عندما تشرع في التوجه منها إلى مكة فإن عليك أن تحرم بالعمرة فقط أو بالحج فقط أو بهما معا، من المدينة ذاتها، أو من ميقاتها، ذى الحليفة، وهو المكان المعروف الآن "بآبار علي" قرب المدينة، في الطريق منها إلى مكة، أو من رابغ.
- إذا كنت ممن يسافرون في الأفواج المتأخرة الذاهبة من جدة إلى مكة مباشرة، فلك أن تنوى الحج والعمرة معا وتسمى "قارنا" أي: جامعا بينهما، ولك أن تحرم بالعمرة فقط، أو أن تحرم بالحج فقط.
- إذا ركبت الباخرة واقتربت بك من الميقات -وهو "الجحفة" قرب رابغ بالنسبة للمصريين وأهل الشام- فتهيأ للإحرام: بحلق شعرك، وقص أظافرك، ثم اغتسل في الباخرة استعدادا للإحرام، وهو غسل للنظافة لا للفريضة، أو توضأ إن لم يتيسر لك الاغتسال، وَضَعْ على جسدك شيئا من الرائحة الطيبة المباحة، والبس ملابس الإحرام الموصوفة آنفا.
- إذا لبست ثياب الإحرام صل ركعتين سنة وانوِ في قلبك عقب الفراغ من أدائهما ما تريد: من العمرة فقط، أو الحج فقط، أو هما معا إذا نويت القران بينهما، وقل: اللهم إنى نويت "كذا" فيسره لى وتقبله مني.
- قل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، وبهذا القول بعد تلك النية تصير مُحْرِمًا بما نويت وقصدت -العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا؛ لأن هذه التلبية بمثابة تكبيرة الإحرام للدخول في الصلاة.
محظورات الإحرام:
- لا تقترب مما صار مُحَرَّمًا عليك بهذا الإحرام، وهو: تغطية الرأس، وحلق الشعر أو شدُّه من أى جزء من الجسد.
- لا تقصَّ الأظافر ولا تستخدم الطيب والروائح العطرية ولا تخالط زوجتك أو تفعل معها دواعى المخالطة، كاللمس والتقبيل بشهوة ولا تلبس أي مخيط ولا تتعرض لصيد البر الوحشي، أو لشجر الحرم.
- إذا فعل المحرم واحدا من هذه المحظورات قبل التحلل الأول -رمى جمرة العقبة في عاشر ذى الحجة- صح حجه، وصحت عمرته، ولكن عليه أن يذبح شاة، أو يطعم ستة مساكين، أو يصوم ثلاث أيام.
- أما الجماع قبل رمي جمرة العقبة (التحلل الأول) فإنه يفسد الحج، وعلى من فعل ذلك أن يعيد الحج مرة أخرى في عام قادم.
- يحرم على المرأة الانتقاب (تغطية الوجه) أو لبس القفازين.
- محظور على المسلمة وعلى المسلم: المخاصمة والجدال بالباطل مع الرفقة.
- إذا كنت مسافرا بالطائرة: فاستعد بالإحرام وأنت في بيتك أو في المطار أو في داخل الطائرة، والبس ملابس الإحرام إن لم يكن بك عذر مانع من لبسها.
- متى أحرمت ونويت ولبيت صار محظورًا عليك الوقوعُ في شيء من تلك المحظورات.
الأفعال المباحة للمحرم:
- بعد الإحرام يباح الاغتسال، وتغيير ملابس الإحرام، واستعمال الصابون للتنظيف ولو كانت له رائحة.
- للمرأة غسل شعرها ونقضه وامتشاطه.
- يباح الحجامة، وفقء الدمل، ونزع الضرس، وقطع العرق، وحك الرأس والجسد، دون شد الشعر.
- يباح النظر في المرآة، والتداوي والتظلل بمظلة أو خيمة أو سقف.
- يباح الاكتحال، والخضاب بالحناء للتداوي لا للزينة.
- يباح قتل الذباب والنمل والقراد والغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور، وكل ما من شأنه الأذى.
- حشرات جسد الآدمي كالبرغوث والقمل فللمحرم إلقاؤها، وله قتلها ولا شيء عليه، وإن كان إلقاؤها أهون من قتلها.
- شم الروائح الطيبة فدائر بين الكراهة والتحريم، ومن ثَمَّ يستحب أن يمتنع الحاج عن استعمالها قصدا، أما ما يحدث من الجلوس أو المرور في مكان طيب الرائحة فلا كراهة فيه ولا تحريم.
- إذا احتلم المحرم أو فكر أو نظر فأنزل فلا شيء عليه عند الشافعية.
دخول مكة:
اطمئن أولًا على أمتعتك في مكان إقامتك، ثم اغتسل- إن استطعت- أو توضأ.
دخول المسجد الحرام:
- توجه إلى البيت الحرام، لتطوف طواف العمرة إن نويتها، أو طواف القدوم إن كنت قد نويت الحج.
- كبِّر وهلِّل عند رؤية الكعبة المشرفة وقل: "الحمد لله الذي بلَّغني بيته الحرام، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد مَن شرَّفه وكرَّمه -ممن حجه أو اعتمره- تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا دار السلام".
- ادع بما يفتح الله به عليك، فالدعاء في هذا المقام مقبول بإذن الله تعالى، وإذا لم تحفظ شيئا من الأدعية المأثورة فادع بما شئت وبما يمليه عليك قلبك.
- لا تشغل نفسك بالقراءة من كتابٍ غيرِ القرآن، فهو الذي تقرؤه وتكثر من تلاوته.
الطواف بالبيت:
- اقصد إلى مكان الطواف لتبدأه وأنت متطهر.
- استقبل الكعبة المشرفة تجاه الحجر الأسود، واجعله على يمينك؛ لتمر أمامه بكل بدنك، واستقبله بوجهك وصدرك، وارفع يديك حين استقباله كما ترفعها في تكبيرة الإحرام؛ للدخول في الصلاة، مكبرا، مهللا، معلنا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
- قل: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وآله وسلم.
- اجعل الكعبة على يسارك مبتدئًا من قبالة الحجر الأسود، وسر في المطاف مع الطائفين، حتى تتم سبع أشواط بادئًا بالحجر الأسود ومنتهيًا إليه في كل شوط.
- يسن استلام الحجر الأسود وتقبيله عند بداية كل شوط إن استطعت، فإن شق عليك ذلك فلتسْتلِمْه بيدك ولتقبِّلْ يدك، وإلا أشرت إليه دون تقبيل.
- يستحب أن تقول عند الاستلام ما تقدم من التكبير والتهليل، ودعاء: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وآله وسلم.
- لا تنشغل في الطواف بغير ذكر الله والاستغفار والدعاء وقراءة ما تحفظ من القرآن مع الخضوع والتذلل لله.
- لا ترفع صوتك، ولا تؤذ غيرك واستشعر الإخلاص.
ركعتا الطواف:
- إذا فرغت من أشواط الطواف السبعة فتوجه إلى المكان المعروف بمقام إبراهيم وصَلِّ فيه- منفردا- ركعتين خفيفتين ناويًا بهما سنة الطواف، أو صلهما في أي مكان بالمسجد إن لم تجد متسعًا في مقام إبراهيم، وادع الله بما تشاء وما يفتح به عليك.
- توجه إلى الملتزم وهو المكان الذي بين باب الكعبة والحجر الأسود.
- إذا استطعت الوصول إليه فضع صدرك عليه مادًّا ذراعيك، متعلقًا بأستار الكعبة، واسأل الله من فضله لنفسك ولغيرك فإن الدعاء هنا مرجو الإجابة إن شاء الله تعالى
الشرب من ماء زمزم:
توجه إلى صنابير مياه زمزم واشرب منها ما استطعت.
السعي بين الصفا والمروة:
ارجع بعد شربك من ماء زمزم أو بعد وقوفك بالملتزَم- واسْعَ بين الصفا والمروة بادئا بما بدأ الله تعالى به في قوله: {إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ}، ومتى صعدت إلى الصفا فهلل وكبر، واستقبل الكعبة المشرفة، وصلِّ على النبي المصطفى- صلى الله عليه وآله وسلم-، وادع لنفسك ولمن تحب ولنا معك بما يشرح الله به صدرك.
ثم ابدأ أشواط السعي- سيرًا عاديًّا- من الصفا إلى المروة في المسار المعد لذلك مراعيا النظام والابتعاد عن الإيذاء، وأسرع قليلا في سيرك بين الميلين الأخضرين- في المسعى القديم والجديد علامة تدل عليهما-، وهذا الإسراع هو ما يسمى "هرولة" وهى خاصة بالرجال دون النساء.
فإذا بلغت المروة قف عليها قليلا مكبرا مهللا مصليا على النبى -صلى الله عليه وآله وسلم-، جاعلا الكعبة تجاه وجهك داعيا الله تعالى بما تشاء من خيرى الدنيا والآخرة لك ولغيرك، وبهذا تم شوط واحد.
ثم تابع الأشواط السبعة على هذا المنوال مع الخشوع والإخلاص والذكر والاستغفار، وردد ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في هذا الموطن: "رب اغفر وارحم، واعف عما تعلم، أنت الأعز الأكرم، رب اغفر وارحم واهدنى السبيل الأقوم".
وبانتهائك من أشواط السعي السبعة تكون قد أتممت العمرة التي نويتها حين الإحرام.
التحلل من العمرة:
بعدها احلق رأسك بالموس، أو قص شعرك كله أو بعضه، والحلق أفضل للرجال وحرام على النساء.
وبهذا الحلق أو التقصير للشعر يتحلل المحرم من إحرام العمرة رجلا كان أو امرأة، ويحل له ما كان محظورا عليه، فليلبس ما شاء، ويتمتع بكل الحلال الطيب إلى أن يحين وقت الإحرام بالحج حين العزم على الذهاب إلى عرفات ومنى.
هدى التمتع:
متى تمتعت على هذا الوجه بالتحلل من إحرام العمرة قبل الإحرام بالحج، فقد وجب عليك ذبح هدي، وهذا الهدى يجوز ذبحه بمكة عقب الانتهاء من التحلل من العمرة، كما يجوز ذبحه بمنى في يوم العيد، أو في أيام التشريق التالية له، أو في مكة بعد عودتك من منى، ولك أن تأكل منه.
طواف القدوم للحاج المفرد:
من أحرم بالحج فقط أو كان محرمًا قارنًا بين الحج والعمرة، فإن عليه -حين وصوله إلى مكة محرمًا وبعد أن يضع متاعه ويطمئن على مكان إقامته- أن يطوف بالكعبة طواف القدوم سبعة أشواط، وله أن يسعى بين الصفا والمروة، حسبما تقدم، وله تأجيل السعى إلى ما بعد طواف الإفاضة ولا يتحلل من إحرامه، بل يظل محرمًا حتى يؤدى مناسك الحج والعمرة ويقف على عرفات، ثم يبدأ التحلل الأول ثم الأخير بطواف الإفاضة.
إعادة الإحرام للحج:
إذا كنت متمتعًا ففي اليوم الثامن من شهر ذى الحجة ويسمى "يوم التروية" تهيأ للإحرام بالحج على نحو ما سبق بيانه في الإحرام حين بدء الرحلة، والبس ملابس الإحرام الموصوفة على الطهارة غسلا أو وضوءا ثم صلِّ ركعتين بالمسجد الحرام إن استطعت، وانو الحج، وقل إن شئت: اللهم إنى أردت الحج فيسره لى وتقبله مني
ثم قل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ومتى قلت ذلك -بعد تلك النية- صرت محرمًا بالحج، ورددها كلما استطعت في سيرك ووقوفك وجلوسك وارفع بها صوتك دون إيذاء لغيرك، والمرأة تلبى في سرها، وداوم عليها وأنت في الطريق إلى منى وإلى عرفات، وفي عرفات، وحين الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة، وفي هذه الأخيرة، وعند وصولك إلى منى يوم النحر ولا تقطعها حتى تبدأ في رمى جمرة العقبة.
المبيت بمنى ليلة عرفة:
يخرج الحاج في يوم التروية إلى منى فيصلى بها الظهر، ويبيت ليلته حتى يصلى فجر يوم عرفة. وهذا المبيت سنة إن تركه لا شيء عليه، وإن بات بعرفة بدلا عنه صح حجه ولا شيء عليه، خاصة إذا كان هذا خط سير مجموعته.
الحج عرفة:
استعد للوقوف بعرفة يوم التاسع من ذى الحجة؛ لأن هذا الوقوف هو الركن الأعظم للحج كما جاء في الحديث الشريف: «الحج عرفة» فمن فاته الوقوف فقد فاته الحج.
ويتحقق هذا الوقوف بوجود الحاج وحضوره، ولو لحظة، واقفًا أو جالسًا أو ماشيًا أو راكبًا في أى وقت من بعد ظهر يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، والأفضل الجمع بين جزء من النهار في آخره وأول جزء من ليلة العاشر منه، أي: قبيل غروب شمس يوم التاسع إلى ما بعد الغروب بقليل.
ويحسن أن تكون على طهارة، وأفضل الدعاء على عرفة ما جاء في الحديث الشريف: «خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» واخشع وتذلل لربك نادما على ذنبك وخطاياك، راجيا عفوه، طامعا في رحمته ورضوانه، متمثلا يوم الحشر الأكبر؛ فإن عرفة صورة منه، فقد حشر فيه الخلق من كل جوانب الأرض حجاجًا.
الصلاة بمسجد نمرة:
صلِّ الظهر والعصر يوم التاسع مقصورتين «ركعتين لكل منهما» مجموعتين جمع تقديم، أي: صلِّهما -في وقت الظهر- مع الإمام في مسجد نمرة إذا استطعت، ولا تفصل بينهما بنافلة، وإلا فصلِّهما حيث كنتَ في خيمتك: كلًّا منهما في وقتها، أو جَمعَ تقديم في وقت الظهر.
مزدلفة:
وعقب غروب شمس يوم التاسع يتوجه الحجيج إلى مزدلفة،وعند الوصول إليها يؤدى الحاج فرض المغرب وفرض العشاء جمع تأخير في وقت العشاء،ولك أن تبيت بمزدلفة حتى تصلى بها الصبح، ثم تتوجه إلى منى، وهذا متوقف على استطاعة المبيت بمزدلفة، وإلا فلو لم تستطع المبيت بها أجزأك أن تمكث بها قدر حط الرحال على مذهب المالكية، أو الوجود بها لحظة بعد منتصف الليل على مذهب الشافعية، أيهما أيسر لك،ومزدلفة كلها موقف، وهى المشعر الحرام
وأكثِر فيها من الذكر والدعاء والاستغفار والطلب من الله تعالى ،واجمع من أرضها الحصيات التى سترمى بها جمرة العقبة صباح يوم النحر بمنى،وهى سبع حصيات كل واحدة منها في حجم حبة الفول ،ولك أن تجمعها من أى مكان غير مزدلفة، ولك أن تجمع جميع حصيات الرمى في الأيام الثلاثة ومجموعها 49 حصاة سبع منها لجمرة العقبة يوم النحر وإحدى وعشرون للجمرات الثلاث في ثانى أيام العيد ومثلها في ثالث أيامه.
ومن بقى بمنى إلى رابع أيام العيد فعليه رمى الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات كما فعل في اليومين الثانى والثالث
الذهاب إلى منى ورمي جمرة العقبة الكبرى:
بعد المبيت وصلاة الفجر بالمزدلفة اقصد إلى جمرة العقبة بمنى وارمها بالحصيات السبع، واحدة بعد الأخرى على التوالي،وارم بقوة وقل: بسم الله والله أكبر رغمًا للشيطان وحزبه، اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا،واقطع التلبية التى التزمتها منذ أحرمت ،وإياك ورمى هذه الجمرات أو غيرها بالحجارة الكبيرة أو العصى أو الزجاج أو الأحذية كما يفعل بعض الناس؛ لأن كل هذا مخالف للسنة الشريفة، ولك أن تؤجل الرمى لآخر النهار ولا حرج عليك.
الإنابة في الرمي:
إذا عجز الحاج عن الرمى بنفسه -لمرض أو لعذر مانع في وقته- جاز أن يوكل غيره في الرمى عنه بعد رمى الوكيل لنفسه.
التحلل من إحرام الحج:
بعد رمي جمرة العقبة هذه يحلق الحاجُّ رأسه أو يقصر من شعره، وتقصر الحاجَّةُ من أطراف شعرها، ولا تحلق.
وبهذا الحلق أو التقصير يحصل التحلل من إحرام الحج ويحل ما كان محرمًا ما عدا الاتصال الجنسى بين الزوجين؛ فإن هذا لا يحل إلا بعد طواف الإفاضة.
طواف الإفاضة:
بعد رمى جمرة العقبة والتحلل -بالحلق أو التقصير- يذهب الحاج إلى مكة للطواف بالكعبة سبعة أشواط هى طواف الفرض، ويسمى طواف الإفاضة أو طواف الزيارة، وقد سبق بيان أحكام الطواف، ثم يصلى ركعتين في مقام إبراهيم، ويشرب من ماء زمزم، ويسعى بين الصفا والمروة على ما تقدم بيانه .
المبيت بمنى ورمي باقي الجمرات:
بعد طواف الإفاضة عُدْ إلى منى في نفس اليوم، وبت فيها ليلة الحادى عشر والثانى عشر من ذى الحجة
ويجوز أن تبقى في مكة ثم تتم الليلة بمنى، كما يجوز أن تستمر في منى وتتم الليل بمكة، ولك ألا تبيت بمنى وإن كره ذلك لغير عذر، ومن الأعذار عدم تيسر مكان المبيت، ولكن يلزمك إذا لم تبت في منى أن تحضر إليها لرمى الجمرات.
أماكن رمي الجمرات الثلاث ووقته:
الصغرى وهى القريبة من مسجد الخيف، ثم الوسطى وهى التى تليها وعلى مقربة منها، ثم العقبة وهى الأخيرة
ارم هذه الجمرات في كل من يومى ثانى وثالث أيام العيد كل واحدة بسبع حصيات كما فعلت حين رميت جمرة العقبة في يوم العيد
ووقت رمى هذه الجمرات من الزوال إلى الغروب، وبعد الغروب أيضا، ولكن الأفضل عقب الزوال لموافقة فعل الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- متى كان هذا ميسورًا دون حرج.
وقد أجاز الرمى قبل الظهر الإمامان: عطاء وطاوس وغيرهما من الفقهاء، وأجاز الإمام الرافعى من الشافعية رمى هذه الجمرات من الفجر.
طواف الوداع:
هو توديع للبيت الحرام، وهو آخر ما يفعله الحاج قبيل سفره من مكة بعد انتهاء المناسك، وقد اتفق العلماء على أنه مشروع، متى فعله الحاج سافر بعده فورا.
ويستحب تعجيل العودة.. عن عائشة -رضى الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إذا قضى أحدكم حجه فليتعجل إلى أهله؛ فإنه أعظم لأجره".