حجاج تونس.. استعدادات حثيثة لرحلة العمر
كتب: وكالات
بين جمهورية تونس والبقاع المقدّسة صلات لم تنقطع منذ أنّ ترسّخت في أفريقيّة أركان الدين الإسلامي وانتشرت في ربوعها تعاليمه وشعائره ومنها شعيرة الحجّ.
ومنذ معرفة الشخص بالموافقة على شموله ضمن قوائم الحجيج لهذا الموسم، تغمره فرحة غامرة غير مسبوقة، تعم الأسرة والأقرباء والجيران وينتشر الخبر سريعًا بينهم ويتناقله الكبار والصغار ويتلقى الشخص التهاني حتى قبل أن يستكمل إجراءات التسجيل.
فالحج في تونس مناسبة لا تعادلها مناسبة أخرى، ويعد وداع الحاج واستقباله من العادات الإيجابية التي لا تزال موجودة حتى الآن.
وقد انطلقت هذه الأيام داخل عائلات الحجاج التونسيين استعدادات حثيثة لموسم الحجّ، إضافة إلى الإجراءات الإدارية والصحية التي يجريها الحجيج قبل السفر إلى البقاع المقدّسة، حيث يشرع أفراد عائلة الحاج والعائلات القريبة في التجهيز لرحلة الحج، كما تبدأ عملية طلاء المنازل وتزيينها استعداد لاستقبال المهنئين والمودعين للحاج، وتتواكب مع تلك الاستعدادات عملية تجهيز ملابس الحج وإعداد الأطعمة التي اعتاد الحجاج على أخذها معهم إلى البقاع المقدسة، رغم ما يتوافر هناك من أطعمة وخدمات إلا أن الحاج التونسي يتمسك بإعداد "البسيسة"، وهي أكلة تصنع من الطحين وتعد جزءاً من المطبخ التونسي لا يستغني عنها الحاج في سفره، كما يحرص الحاج التونسي على حمل كميات من زيت الزيتون وبعض الأكلات التقليدية لاستهلاكها خلال رحلته، كما تجرى لوداع الحاج طقوس ومراسم بعضها قديم وبعضها حديث.
وكالة الأنباء السعودية التقت بعض الحجاج التونسيين في أزقة المدينة العتيقة بين الأسواق، حيث يسعى كل حاج لشراء لوازمه من لباس إحرام وثياب وبعض الأغراض التي يحتاجها في سفره إلى المشاعر المقدسة ويتباهى الحاج التونسي بشراء الجبة التونسية التقليدية المحاكة يدوياً، والتي تختلف أسعارها حسب جودتها.
يقول الحاج إسماعيل (67 عاماً) لا شك أن من يقدر له أداء فريضة الحج يكون سعيداً بذلك ليس هو فقط بل من حوله أيضاً من أسرة وأصدقاء. وسعادة الحاج لا تنتهي لمجرد أداء مناسك الحج بل تستمر مدى الحياة.
أما مرافقه الحاج عامر زي فيقول: "قمت بأداء فريضة الحج ثلاث مرات في السنوات السابقة وفي كل مرة يتجدد الشوق والحنين لزيارة بيت الله الحرام وكأنها المرة الأولى".
ويضيف كل مرة أزور فيها المملكة والمشاعر المقدسة أشعر أنها المرة الأولى وأنبهر كل مرة بما أجده من توسيعات وتطوير في الخدمات من قبل حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وتيسير على زوار بيت الله الحرام حتى إن الحج بات في السنوات الأخيرة رحلة ميسرة ومتكامل الخدمات.
ويستذكر الحاج عامر أيام الحج والعادات في وداع واستقبال الحاج بقوله: "كانت العائلات والأصدقاء والجيران يتهافتون لمنزل من يقصد الحج لتوديعه وطلب المسامحة.. يجمعون مبلغا مالياً ويقدمونه له لمساعدته في المصاريف وعند عودته تعد الولائم لاستقبال المهنئين ويأتي أهل المنطقة للترحيب به وتهنئته بأداء الحج". كما أن الحاج يحرص على أن يحضر معه بعض الهدايا التي لها ارتباط بالأراضي المقدسة كالسجادة أو منظر تذكاري أو ألعاب الأطفال أو اللباس العربي أو الحناء والتمر والمسابح وماء زمزم التي يقدمها الحاج لكل من يأتي لتهنئته.
ويتابع أن البعض وخصوصاً أفراد الأسرة يحرصون على وداع الحاج يوم سفره ويرافقونه إلى المطار وينتظرون حتى إقلاع الطائرة فهي لحظات لا تنسى تختلط فيها مشاعر الفرح مع مشاعر الفراق وتنهمر فيها دموع الحاج والمودعين على حد سواء.
بدوره أكد صاحب أحد المحال إبراهيم أن كل أصدقائه وحرفائه الذين زاروا بيت الله الحرام للحج أو العمرة سابقاً يؤكدون عظمة مشاريع التوسعة المنجزة في مختلف بقاع المشاعر المقدسة.
وقال إن المسلمين في جميع أنحاء العالم يثنون على جهود المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، مشيراً إلى أن إطلاق السلطات السعودية "مبادرة طريق مكة" أسهم بشكل كبير في إنهاء إجراءات السفر والدخول في وقت قياسي جداً إلى الأراضي السعودية ونقلهم عبر حافلات مريحة إلى مقر الإقامة.
وأشاد مع أصدقائه الحرفيين الذين سبق لهم تجربة الحج برقي الخدمات التي تقدمها سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى تونس للحجيج التونسيين.
من جهتها تقول الحاجة حبيبة التي جاءت إلى "السوق العربي" لشراء بعض الحناء لتضعها قبل سفرها إلى البقاع المقدسة" "في العامين الماضيين شعرت بغصة كبيرة في موسم الحج عند متابعة شاشة التلفاز ورؤية قلة أعداد الحجاج بسبب انتشار وباء كورونا وفي كل مشهد يعرض أستذكر أيام الحج وأتخيل نفسي موجودة لأداء المناسك مع الحجاج".
وبينت أن أبناءها وعائلتها وأصدقاءها وجيرانها يتوافدون لمنزلها قبيل أيام من موعد سفرها للحج ليتسنى لهم توديعها وتوصيتها بالدعاء لهم في بيت الله الحرام وعند الوقوف على جبل عرفة.
ويحظى الحاج التونسي عقب عودته بمعاملة خاصة وسط مجتمعه فهناك أكبر قدر من درجات التوقير باعتباره (الحاج) أقرب واحد من أفراد المجتمع حداثة ببيت الله الحرام وبزيارة المسجد النبوي الشريف.
اقرأ أيضًا: وزير الطاقة السعودي: الطلب الصيني على النفط لا يزال في...