خبيرة: البلدان القوية تقود العالم على حساب الدول الضعيفة
كتب: حسين هريدي
قالت الدكتورة نايري وودز عميدة كلية بلافاتنيك للدراسات الحكومية بجامعة أكسفورد إن التجارة الحرة تتراجع في مواجهة سياسات البلدان القوية مخلفة أضرارا على الاقتصادات النامية.
وأضافت الدكتورة نايري وودز خلال الدراسة التى قدمتها ونشرها صندوق النقد الدولي أنه باتت لدى القوى العظمى التي اضطلعت ببناء نظام التجارة الحرة وضمان استمراريته أولويات أخرى، وهو ما يضع معظم اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في موقف صعب.
وتابعت أنه إذ تعكف الولايات المتحدة والصين على تغيير النظام، مما يجعل البلدان الأخرى تنحاز إلى جانب دون الآخر في ظل تنامي المنافسة الجغرافية الاستراتيجية. وربما يكون عدم الانحياز هو أفضل استرااتيجية للبلدان الأخرى – ليس فقط لحماية مصالحها، ولكن لكبح القوى العظمى أيضًا.
وأصدرت منظمة التجارة العالمية مؤخرًا تقريرًا* حول أهمية حماية الانفتاح والاحتوائية في النظام التجاري متعدد الأطراف، مشيرة إلى أن الانفتاح التجاري (على عكس قيام جميع البلدان بحماية منتجيها ومنتجاتها) هو أفضل وسيلة للتخفيف من التكلفة الباهظة والمتنامية للغزو الروسي لأوكرانيا. ويؤكد التقرير أن التجارة العالمية واصلت نموها عام 2022 رغم الحرب، على غرار التجارة في سلاسل الإمداد العالمية (التي سجلت نموًا قدره 4% على أساس سنوي مقارن في الربع الثاني من عام 2022).
وبدايةً، تنبأ الخبراء (من مؤلفي مجلة نيتشر*) بارتفاع أسعار الغذاء ووقوع الملايين في براثن الجوع بسبب الحرب، ولكن الأسواق العالمية نجحت بالفعل في الحفاظ على استقرار الأسعار (راجع مؤشر أسعار الغذاء الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة).
وتكمن المشكلة في تحول القوى العظمى عن نظام التجارة الحرة الذي أنشأته، وإعادة ترتيب أولوياتها في ضوء المخاوف إزاء الأمن العالمي وتصاعد المطالب السياسية والاقتصادية المحلية.
وبالنسبة لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، أصبح لهذه الأولويات دور متزايد في إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي.
وأضافت في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008، توالت الانتقادات للعولمة والتجارة الحرة عبر البلدان الصناعية، مما أدى إلى حالة من الاستقطاب السياسي في تلك البلدان وفي صميم هذه الانتقادات الرأي بأن التجارة تنخر في نسيج التماسك الاجتماعي.
وقد اتضحت معاداة التجارة وتسارعت وتيرتها عندما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفات جمركية على أقرب حلفاء الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، بما في ذلك كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى الحاجة إلى حماية الأمن القومي والوظائف والصناعات الأمريكية.
والآن أصبحت الاقتصادات النامية، التي تشكلت استراتيجياتها الاقتصادية بناء على وعود النفاذ إلى الأسواق، تواجه خطر الاستبعاد من الأسواق.
وعدم الانحياز قد يسمح للبلدان بمواجهة الصعوبات الاقتصادية الحادة لتحقيق مصلحة شعوبها والتعبير عن قيمها وأولوياتها في سياق العلاقات الدولية.
وأشارت إلى أنه تتسابق الصين والولايات المتحدة في الوقت الحالي بضراوة لتحقيق الريادة التكنولوجية. وفي هذا السباق، ينظر كلا البلدين إلى التجارة الحرة باعتبارها من المساوئ. ففي عام 2015، أطلقت الصين خطة "صنع في الصين 2025*" المقرر تنفيذها على مدار 10 سنوات للتعجيل بتطوير صناعتها التكنولوجية من خلال إعانات الدعم والشركات المملوكة للدولة.
وفي الآونة الأخيرة، استخدمت الولايات المتحدة العقوبات، والقوائم السوداء، وضوابط التصدير والاستيراد، والقيود الاستثمارية، وحظر تأشيرات الدخول، وقواعد المعاملات التكنولوجية، فيما وُصف بالقومية التكنولوجية الأمريكية.
وفي أكتوبر من عام 2022، تم فرض قيود جديدة* للحد من قدرة الصين على اقتناء أشباه الموصلات المتطورة والتكنولوجيا اللازمة لتصنيعها وذلك لكبح إمكاناتها في مجال الذكاء الصناعي.
وبالنسبة للاقتصادات النامية، فإن التفكك التكنولوجي المتوقع سيجبرها على الأرجح على اختيار معسكر على الآخر، وهو ما حدث بالفعل في البلدان التي تعرضت لضغوط من الولايات المتحدة لقطع علاقاتها بشركة هواوي الصينية العاملة في قطاع صناعة التكنولوجيا.