Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

عن «هواجس» جيل جديد يكتب الرواية في مصر (سلسلة حوارات).. فريد عبد العظيم: قررت أن أكون «روائياً» بعد قراءة عملين لـ«عادل عصمت» وهواجس الكتابة لا تنتهي 

 كتب:  عرفة محمد أحمد
 
عن «هواجس» جيل جديد يكتب الرواية في مصر (سلسلة حوارات).. فريد عبد العظيم: قررت أن أكون «روائياً» بعد قراءة عملين لـ«عادل عصمت» وهواجس الكتابة لا تنتهي 
الكاتب فريد عبد العظيم ورواياته
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

لا أهتمُ بفكرة جذب القراء.. ربما الكتابة وسيلةُ لـ«الخلاص والتطهر»

كتبت نصف روايتي «خوفا من العادي» في ورشة الدار المصرية اللبنانية

ريف خيري شلبي ومدينة نجيب محفوظ لم يعد لهما وجود الآن

أكتب الرواية الواقعية وكل ما أكتبه هو جزءٌ من ذاكرتي

النشرُ في مصر أمرٌ صعبٌ يتطلب كثيراً من العلاقات وأنا لا أملكها

كان من الممكن أن تبتلع الوظيفة الحكومية و«بيروقراطيتها» كاتباً مثل فريد عبد العظيم؛ لكن في لحظةٍ ما شعر بـ«الملل» من ذلك الروتين اليومي الذي ينتهي عند الثانية مساءً، عاد إلى «الكتابة» التي مارسها في المراهقة، أنتج قصةً وقرأها في صالونٍ أدبيٍّ وشعر بصدمةٍ مدويةٍ عندما لم تعجب الحاضرين.. كانت تلك اللحظة دراميةً وقاسيةً كادت أن تدفعه لتوديع «عالم الأدب» بلا عودةٍ.

عاد «عبد العظيم» إلى القراءة والكتابة وإنتاج القصص من جديدٍ، وفي اللحظة التي أنهى فيها قراءة روايتي «حياة مستقرة» و«حكايات يوسف تادرس» للكاتب الكبير عادل عصمت، قرر أن يصير روائياً، وشرع في كتابة روايته الأولى التي كانت في الأصل قصةً قصيرةً ترتيبها الخامس في كتاباته القصصية.

في أعوامٍ قليلةٍ، قدَّم الكاتب فريد عبد العظيم ثلاث رواياتٍ منشورةٍ هي: «خوفاً من العادي» التي تتناول حياة الغرباء الحالمين بالصعود الاجتماعي في العاصمة، و«يوميات رجل يركض» عن حياة لاعب كرة معتزل يحاول كشف تشابكات هذا العالم المعقد، و«غرفة لا تتسع لشخصين»؛ أعمالٌ تكشف عن كاتبٍ مجتهدٍ يحاول طوال الوقت تطوير لغته وحبكاته الروائية وتقديم عملٍ يكون راضياً عنه في المقام الأول قبل البحث عن أي مغرياتٍ أخرى مثل «المبيعات». 

الكاتب فريد عبد العظيم من مواليد القاهرة 1983، وصلت روايته الثانية «يوميات رجل يركض» إلى القائمة الطويلة لـ«جائزة ساويرس الثقافية»، وحصل على جائزة مسابقة إحسان عبد القدوس فى الرواية عن روايته «اليد الكبيرة»، التي أصدرتها «دار المرايا» تحت عنوان «غرفة لا تتسع لشخصين»..

ما تفاصيل «الكتابات الأولى» التي سبقت صدور روايتك الأولى «خوفاً من العادي».. مؤكد أنها كانت لحظاتٍ مهمةً؟


دخلتُ إلى عالم الكتابة متأخراً نسبياً، مجرد محاولاتٍ لم تكتمل في أثناء فترة المراهقة، نسيتُ الأمر تماماً، انشغلتُ بالحياة، تخرجتُ في الجامعة، عملتُ، تزوجت ورزقني الله بطفلين، ربما بدافع الملل تذكرت الكتابة؛ موظف حكومي ينتهي دوامه في الثانية ظهراً، حياةٌ رتيبةٌ يمر فيها الوقت بصعوبةٍ، أمسكتُ بالقلم وحاولت كتابة قصةٍ، أُعجَّبت بنفسي للغاية، قلتُ بفخرٍ: «قصة عبقرية، سأصبح واحداً من أهم الكُتَّاب في مصر».

بعدها، قرأتُ منشوراً على «فيسبوك» يتضمنُ الحديث عن صالونٍ ثقافيٍّ يسمح لرواده بقراءة أعمالهم الأدبية، حملت أوراقي وذهبت، أمسكتُ بـ«الميكروفون» وقرأتُ بحماسٍ قصتي، توقعتُ تصفيقاً حاداً بعدما أنتهي ففوجئتُ بنظرات الامتعاض، أجمع الحضور على «ركاكة» القصة، ضعف اللغة والحبكة، مجرد محاولةٍ متواضعةٍ لكاتبٍ مبتدئ لا يمتلك أي موهبةٍ، كان هذا مختصر ما قاله الحضور، غضبتُ بشدةٍ، قررتُ إنهاء رحلتي في «عالم الأدب» قبل أن تبدأ.

بعد فترةٍ عدتُ إلى قراءة قصتي بحياديةٍ، أدركتُ نقاط الضعف، عدتُ إلى ممارسة الكتابة مرةً أخرى، ربما بدافع «التحدي»، قصة تلو أخرى، أعالجُ أخطائي وأصنعُ لنفسي أسلوباً خاصاً، أحببتُ الكتابة، نلتُ إشاداتٍ من مبتدئين مثلي، تشجعتُ أكثر، أشتركتُ في مسابقةٍ للقصة القصيرة، كانت المفاجأة أنني فزتُ بها، أستفدتُ للغاية من مرحلة البدايات، رواية «خوفاً من العادي» كانت قصتي الخامسة، أعدتُ كتابتها في قالبٍ روائي لتكون روايتي الأولى.

شاركتَ في ورشة الدار المصرية اللبنانية الثانية التي أشرف عليها الروائي عمرو العادلي.. احكِ لنا كواليس تلك المشاركة وهل أضافت لك في بداية مشوارك بالكتابة؟


سعدتُ للغاية باختياريّ للمشاركة في ورشة الدار المصرية اللبنانية؛ عندما رأيتُ إعلانَ «الورشة» على صفحة الدار على «فيسبوك»، قررتُ على الفور إرسال إحدى قصصي، اعتبرتها مسابقةً سيشتركُ فيها العشرات من المبتدئين مثلي، فرصةٌ للحكم على موهبتي، هل أصلح للاستمرار أم لا؟، عندما أعلنوا أسماء المشاركين ووجدت اسمي وسطهم فرحتُ للغاية، أن يتم اختيارك من ضمن أكثر من ٢٠٠ مشارك يعني أنك على الطريق الصحيح.

بالطبع استفدتُ من المشاركة؛ لولا «الورشة» ما فكرتُ أن أبداً في كتابة روايتي الأولى، كتبتُ أثناء «الورشة» ما يقرب من نصف روايتي «خوفاً من العادي»، ساعدني كثيراً الأستاذ عمرو العادلي، معنوياً ومهنياً، أعتبره المحرر الأدبي لجزءٍ كبيرٍ من الرواية.

بمناسبة الحديث عن ورشة الدار المصرية اللبنانية.. هل ترى أنَّ انتشار «ورش الكتابة» الآن في الرواية والقصة والسيناريو مفيدٌ للمشاركين أم مجرد «سبوبةٍ» لكسب الأموال؟


الورش الأدبية ليست بـ«الظاهرة السيئة»، بالتأكيد هناك كثيرٌ من محبي الكتابة، الذين على استعدادٍ لدفع رسومٍ نظير تعلمهم هذه الحرفة، معرفة القواعد، التكنيك، الأنواع الأدبية، هذا أمرٌ جيدٌ، بشرط أن يكون الكاتب الذي يُقدم «الورشة» على درايةٍ تامةٍ بالأمر، كاتبٌ حقيقيٌ موهوبٌ ومتحققٌ، يقدم الفائدة المرجوة للمتدربين، هناك ورشٌ مفيدةٌ، وبالتأكيد هناك أيضا «سبوبة»، لذا على الراغب في التعلم الحذر وفرز الغث من الثمين.

ظهرت أحداث ثورتي «يناير» و«30 يونيو» في روايتك الأولى «خوفاً من العادي».. ألم تخشَ ممن يرددون أنَّ الكتابة الآن مبكرةٌ على ثورة يناير؟


أنا أكتبُ روايةً اجتماعيةً تدور أحداثها في زمنٍ معينٍ، من المستحيل أن تكتب أحداثاً في زمنٍ جرت فيه ثورةٌ عظيمةٌ مثل ثورة الخامس والعشرين من يناير وتتجاهلها، لم أكتبْ وجهة نظري بصفتي مثقفاً عن الثورة، وإنما عن تأثير الثورة على أبطال العمل، عن رؤاهم اللحظية عن هذه اللحظة المفصلية في تاريخ مصر، ما آلت إليه أحوالهم بعدها، جوانبها السلبية والإيجابية عليهم، ما قلته في روايتي «خوفاً من العادي» هو رؤيةُ «حزب الكنبة» الذي لا ينتمي إلى أي تيارٍ سياسيٍّ ولا يدافعُ عن أي أيدولوجيةٍ، ببساطةٍ وجهة نظر أشخاص شاهدوا أحداثاً جساماً مر بها الوطن دون أن يشاركوا فيها، لا أحبوها ولا ناهضوها، وبالرغم من ذلك أثرت للغاية على حياتهم اليومية ومستقبلهم.

هل تتذكر كتاباتٍ جيدةً تكون قد قرأتها سواء كانت أعمالاً سياسيةً أو رواياتٍ ظهرت بها الثورة؟


لم أقرأ روايةً تتناول أحداثها الثورة بشكلٍ مباشرٍ، كما ذكرت في سؤالك من المبكر للغاية الكتابة عن الثورة، ربما بعد سنواتٍ ستظهر أعمالُ تتناول «الثورة الأعظم» في تاريخ مصر.

فكرة الهجرة من الريف إلى المدينة والبطل التائه والحائر في العاصمة وأحوالها عُولجت في العديد من الروايات والأفلام.. ما الجديد الذي حاولت تقديمه في روايتك «خوفاً من العادي»؟

كثيراً ما سُئِلت في هذا الأمر، كثير من الأعمال تناولت ثنائية الريف والمدينة، أشهرها «النداهة» ليوسف إدريس، الأمر مختلفٌ الآن، أردت في رواية «خوفاً من العادي» أن أقدمَ صورةً مغايرةً عن ثنائية الريف والمدينة، ريف خيري شلبي ومدينة نجيب محفوظ لم يعد لهما وجود، هناك ريفٌ ومدينةٌ آخرين، أعتقدُ أنَّ كل من قرأ رواية «خوفاً من العادي» قد أدرك التغيير، أزعمُ أنني لم أقدم الصورة النمطية السابقة وإنما تجاوزتها إلى واقعٍ جديدٍ لم يتطرق له كثيرون.

الرواية كان بها كثير من المواقف التي تعبر عن «حالات النوستالجيا».. هل ترى أنَّ مثل تلك الكتابات تجذب القراء؟.. هناك كتب خاصة عن المظاهر التي كانت في الماضي مثل البرامج والألعاب والمسلسلات القديمة وأيضا قنوات تليفزيونية


ليست الفكرة في جذب القراء، أكتبُ لأنني أحب ذلك الفعل؛ يمنحني الراحة النفسية، لا أحب تضخيم الأمور، أضعها في نصابها، لا أهتمُ مطلقاً بجذب القراء، أكتبُ ما يدور بعقلي، أضع هواجسي على الأوراق، ربما الكتابة هي وسيلةُ للخلاص، للتطهر، النوستالجيا طبيعيةٌ في كتاباتي، أكتبُ عن جيلي، عن طفولتي، عن مشاهداتي، عن عالمي وأنا طفل، كل شخصيةٍ في رواياتي هي جزءٌ مني، كل طفلٍ وشابٍ هو أنا، أكتب ما رأيته وعاصرَته وعشته.

أحسستُ في أثناء قراءة رواية «يوميات رجل يركض» بإحساس مشاهدتي لفليم «الحريف».. كيف توصلت إلى «توليفة» تلك الرواية وهل قرأت عن عالم كرة القدم وما يحدث فيها قبل كتابة الرواية؟

رواية «يوميات رجل يركض» في فكرتها الأولى لم تكن روايةً رياضيةً، كانت «الرياضة» مجرد محركٍ للأحداث، يمكنني القول أنها روايةٌ رمزيةٌ وُضِعَت في قالبٍ رياضيٍّ، الرواية تتناولُ الإعلام الموجه، اتحاد السلطة مع رأس المال، الفساد، مشكلات الأقليات، الواسطة والمحسوبية واستغلال النفوذ، عالم الكرة يعرفه الجميع، ربما ما أفادني في كتابة الرواية أنني مارست الرياضة بشكلٍ احترافيٍ لفترةٍ طويلةٍ.

شهد الوسط الرياضي مؤخراً أزماتٍ متعلقةً بالعلاقة المتشابكة والمعقدة بين الرياضيين مثل أزمة وفاة أحمد رفعت وإيهاب جلال بسبب ما قِيل عن الضغط عليهم.. هل كانت الرواية تتنبأ بمثل تلك الوقائع عندما كشفت «خبابا» الوسط الرياضي؟


أساس الرياضة هو المنافسة، الأمر يجلب التوتر كما المال والشهرة، المفترض أن تكون المنافسة عادلةً، في كثيرٍ من الأحيان تنزويّ العدالة  إلى ركنٍ قصيٍ وتحلُ محلها أشياءٌ أخرى بغيضةٌ؛ تتداخل العلاقات الشخصية بالنفوذ والسلطة، لا يفوز الأفضل كما المتوقع، لا تنفع الموهبة ولا الاجتهاد، حينها تتراكم الضغوط، تحترق الأعصاب، ربما يؤدي الشعور بالظلم إلى عطب الجسد وذبوله، لست مطلعاً على الأمور في موضوعي أحمد رفعت وإيهاب جلال رحمهما الله، لكنني أشرحُ وجهة نظري كما عبرت عنها في روايتي «يوميات رجل يركض».

مَنْ الأسماء الأدبية التي ترى أنها كانت ملهمةً لك في مشوارك بكتابة الرواية حتى الآن؟


ككل أبناء جيلي بدأت رحلتي مع القراءة من خلال الدكتور نبيل فاروق وسلاسل روايات مصرية للجيب؛ رجل المستحيل وملف المستقبل، يصاحبها كتب محمود سالم «المغامرون الخمسة» و«الشياطين الـ 13»، بعدها تعرفتُ إلى مكتبة الأسرة، هذا المشروع العظيم الذي أقدره، أعتقدُ أنه لولا مكتبة الأسرة ومهرجان القراءة للجميع لما فكرت يوماً أن أكون كاتباً، تعرفت من خلاله إلى أعمال كبار المبدعين؛ طه حسين، عباس العقاد، توفيق الحكيم، يوسف إدريس، نجيب محفوظ، أما عن أكثر كاتبٍ أثر فيَّ شخصياً وألهمني فهو الأستاذ عادل عصمت، روايتيه «حياة مستقرة» و«حكايات يوسف تادرس» كانتا نقطةً فارقةً بالنسبة لي، بعدما أنهيتهما أتخذت قراري بأن أكون روائياً، وشرعت في كتابة روايتي الأولى.

هل ترى أنَّ الضوء (كتابات نقدية.. صحافة.. تليفزيون) مسلطٌ بشكلٍ كافٍ على كتابة هذا الجيل من الروائيين الشباب؟


شئنا أم أبينا هذا الجيل محظوظٌ بالرغم من كثرة شكواه وادعاء المظلومية، القِ نظرةً على جيل الثمانينات والتسعينيات وستدرك الفرق،  لم يكن هناك هذا الكم الهائل من دور النشر ووسائل التواصل الاجتماعي، القنوات الفضائية، اليوتيوب، الآن عدد الكُتَّاب ضخمٌ بسبب سهولة النشر، الكل يبكي على ليلاه، يرى أنَّ حقه مهضومٌ، لكن حقيقة الأمر ليست بهذا السوء، صحيحٌ أنَّ العدالة ليست على المستوى المأمول، لكن مع مرور الوقت ستظهر الأعمال الجيدة إلى النور، في النهاية الكتابة الجيدة ستعيش.

كيف ترى كثرة الإصدارات الروائية في الوقت الحالي.. وما رأيك في «النشر المدفوع» الذي يستغل الشباب أحياناً ويكون من «دور نشر» صغيرةٍ؟


الإصدارات الروائية في الفترة الأخيرة كثيرةٌ ومتنوعةٌ، ويتمتع قدرٌ كبيرٌ منها بالجودة، لا أستطيع لوم كاتبٍ مبتدئ في أن ينشر كتابه على نفقته الخاصة طالما لم يجد فرصةً أخرى، دور النشر الصغيرة التي تقوم سياستها على النشر المدفوع أو اقتسام التكلفة مع الكاتب ضرورٌ وقتيةٌ، قد تزدهر أو تختفي في المستقبل طبقاً للأوضاع الاقتصادية ازدهار أو انحسار الكتاب الورقي، المشكلة الكبرى هي هل تفي تلك الدور ببنود عقودِها مع الكتاب أم لا؟

ما كواليس لقائِك بالكاتب الكبير يوسف زيدان في منزله؟


كانت مصادفةً، في بداية عهدي بالكتابة تقدمتُ للاشتراك في إحدى المسابقات التي تنظمها مجموعةٌ أدبيةٌ تمتلك صفحةً على «فيسبوك»، بعد فترةٍ أبلغوني بفوزي بالمركز الأول، نشروا القصة عبر الفيسبوك يصاحبها خبر فوزها بالمركز الأول، فوجئتُ بتعليقٍ من الدكتور يوسف زيدان على القصة، كان تعليقاً إيجابياً للغاية، سعدتُ بذلك، ثم فوجئتُ باتصالٍ من أحد أعضاء المجموعة الأدبية يبلغني بدعوة الدكتور يوسف لي لزيارة منزله، وحضور جلسةٍ تجمعه بمجموعةٍ من الأصدقاء، الرجل كان كريماً معي، عاملني بلطفٍ وحفاوةٍ وأهداني مجموعةً من كتبه.

الطفولة، الذاكرة، البيئة المحيطة، الزملاء في العمل، قراءة الصحف والمجلات.. مِنْ أين يأتي فريد عبد العظيم بأفكار رواياته؟


كلٌ منا يكتب لـيطرد هواجسه، يلقي بها على الورق عله يتحرر من وطأتها، نكتب لنتذكر أم لننسى؟ لستُ متيقناً من الأمر تماماً، نكتبُ لنتطهر أم لننشر فضائحنا إلى العالم؟ لا أعرف، أعتقدُ أنَّ كل روايةٍ كتبتها فيها جزءٌ من سيرتي الذاتية؛ طفولتي، مراهقتي، شبابي، عائلتي، الشوارع التي مررتُ بها، أنا أكتب الرواية الواقعية، لا أجنح إلى المستقبل أو أعود إلى الماضي، لذا فكل ما أكتبه هو جزءٌ من ذاكرتي.

صدر لك «3» روايات حتى الآن.. ما أقرب عمل إلى قلبك وما هو العمل الذي قضيت فيه أكثر وقتٍ من الكتابة أو كان مرهقاً؟


رواية «خوفاً من العادي» العمل الأقرب إلى قلبي، كُتِبتْ بسهولةٍ مذهلةٍ، لم تتجاوز فترة كتابتها «4» أشهر، كنت أجلس ساعتين يومياً أكتبُ فيها دون توقفٍ، وكأنني أرى الكلمات أمام عيني وأدونها فقط.

رواية «غرفة لا تتسع لشخصين» على الرغم من أنها روايةٌ قصيرةٌ فإنها كانت الأكثر صعوبةً؛ استغرقتْ أكثر من عامٍ ونصف العام في كتابتها، خمسُ مسوداتٍ والكثير من الحذف والإضافة، ربما قررت نشرها لأطردها من حياتي وكأنها روايةٌ لا تريد أن تنتهي.

نشرت مع دور «روافد» و«إيبيدي» وأخيراً «دار المرايا».. نريد ملخصاً لرحلتك مع دور النشر.. هل كانت صعبةً أم سهلةً؟


النشرُ في مصر أمرٌ صعبٌ يتطلب كثيراً من العلاقات، وأنا لا أملكها، ليس لي الكثير من الأصدقاء في الوسط الثقافي، لذا نشرت رواياتي بصعوبةٍ، كل ما أفعله هو إرسال «إيميل» إلى دار النشر، وأطلب عرض عملي على لجنة القراءة الخاصة بها، ومَنْ ثمَّ أنتظر حتى يرد عليَّ أحدهم، لحظي الحسن نجحتُ في كل مرةٍ، أتمنى في المستقبل أن أستقر في دار نشرٍ واحدةٍ تجمع أعمالي.

وصلت روايتك «يوميات رجل يركض» إلى قائمة جائزة ساويرس وحصلت روايتك «غرفة لا تتسع لشخصين» على جائزة إحسان عبد القدوس.. ما كواليس مشاركاتك في الجوائز الأدبية؟


في البدء شاركت في جميع الجوائز الأدبية المتاحة، كنت أنتظرُ بتوترٍ النتائج، أغضب حينما لا أجد اسمي بين الفائزين، بعد فترةٍ قررت مخاصمة الجوائز، للأسف ظللت أغضب عندما لا أجد اسمي بين الفائزين، رغم أنني لم أتقدم بالأساس، بعدها توصلت إلى حلٍ وسط أن أتقدم للجوائز ثم أنسى الأمر تماماً ولا أتابع نتائجها.

لكلٍ منا لحظاتٌ سعيدةٌ في مشواره أياً كان نوع هذا المشوار.. ما اللحظات السعيدة والبارزة في مشوارك الأدبي؟


هناك كثيرٌ من اللحظات السعيدة، أتذكر منها لحظة إمساكيّ بالنسخة الأولى من رواية «خوفاً من العادي»، أول قارئ يطلب توقيعي، أو عندما ألتقي بقارئ ليس بنا معرفة شخصية سابقة يخبرني بأنه قرأ إحدى رواياتي وأعجبته.

ما أبرز «هواجس» فريد عبد العظيم في الكتابة.. وهل أنت راضٍ عن إصداراتِك حتى الآن؟


هواجس الكتابة لا تنتهي، كل يومٍ أسال نفسي لماذا أكتب؟ ولا أقتنع بردودي: ما الجدوى؟ الهدف؟ الغاية؟، لا أجد إجابةً وبالرغم من ذلك أستمر، أقول لنفسي مشجعاً: «طالما تستمتع وأنت تكتب فما الداعي لترك هذه المتعة».


بالطبع راضٍ عن ما كتبته، لا أقول أن أعمالي عظيمةٌ أو مهمةٌ، ولكنني أُجزم أنني قد حاولت بأقصى ما أستطيع أن أكتب نصاً جيداً، لا أعرف هل نجحت أم لا؟ لكني فعلت أقصى ما بوسعي بغض النظر على النتائج.