فؤاد المهندس.. طلقّ شويكار غيابي وتلقى الطعنة من صديق العمر عبد المنعم مدبولي
كتب: .
فؤاد المهندس لم يكن مجرد فنان كوميدي أعاد الابتسامة لجيل كامل، بل كان شخصًا عاش المسرح بكل جوارحه، وتحرك قلبه وفق نبض الجمهور.
خلف ضحكاته، كانت هناك حياة مليئة بالصعوبات والقصص الإنسانية التي بقيت بعيدة عن الأضواء.
في مثل هذا اليوم الذي يصادف ذكرى رحيله، نستعيد جانبًا من تلك الحكايات مستندين إلى حلقة خاصة من برنامج "فلاش باك" للكاتبة الصحفية عبير عبد الوهاب، التي تكشف تفاصيل حياة رجل جعل الفن جزءًا من روحه وترك أثره في ذاكرة المشاهدين
بداية النجومية وتحديات المسرح
مع انطلاق مشواره الفني، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود؛ فقد واجه فؤاد المهندس محاولات لإقصائه من فرقة "ساعة لقلبك" نتيجة غيرة بعض زملائه من تصاعد نجوميته. انسحب أربعة من الممثلين الأساسيين فجأة، وطلبوا من المنتج سمير خفاجي استبعاده، لكنه اختار الاحتفاظ به، معتبرًا المهندس "الحصان الرابح". رغم ذلك، فضل المهندس الابتعاد مؤقتًا حتى نهاية الموسم، محافظًا على هدوئه وتركيزه على فنه.
خلاف مع عبد المنعم مدبولي بسبب "جدو عبده"
في أحد المواسم الرمضانية، وبينما صعدت نجوميته، اختلف المهندس مع التلفزيون حول تفاصيل فوازير "عمو فؤاد"، وفوجئ بأن صديقه عبد المنعم مدبولي قدم فوازير "جدو عبده" بدلًا عنه. شعر حينها بأنه طُعن من أقرب الناس وكتب مقالات حادة ضده. فيما بعد، اعتذر مدبولي، وصعد خشبة المسرح أثناء أحد عروض المهندس ليصالحه أمام الجمهور. عاد الصديقان إلى وفاقهما، لكن تبقى آثار الألم حاضرًا، ويقال إن المهندس توفي بعد وفاته بأسابيع متأثرًا بالحزن.
الطلاق في بيت الزوجة الأولى
على الصعيد الشخصي، كانت علاقته بشويكار مليئة بالتقلبات. أول طلاق تم غيابيًا في منزل زوجته الأولى عفت، بحضور الفنان صلاح ذو الفقار كموثق وسمير خفاجي كشاهد. عاد بعدها المهندس إلى شويكار، وأقنعها بأن خفاجي ضغط عليه لاتخاذ القرار. تكررت حالات الطلاق ثلاث مرات، تلاها عودة مؤقتة في كل مرة، قبل الانفصال النهائي، مع استمرار العلاقة الإنسانية بينهما، حيث كانت شويكار تطهو له الطعام وترسله إلى منزله، وحتى عفت كانت تعد له الشوربة في رمضان.
كواليس "سك على بناتك".. العصا التي لم تكن مجرد تمثيل
في المسرح، كان المهندس شديد الانضباط. العصا التي استخدمها في مسرحية "سك على بناتك" لم تكن مجرد أداة تمثيل، بل وسيلة لضبط الأداء وتوجيه الممثلين، ومن بينهم شيريهان التي شهدت لحظة انفعل فيها المهندس بسبب فستانها على خشبة المسرح، ما أوقف العرض للحظات وأثار دهشة الجمهور، قبل أن تعتذر وتستكمل المسرحية.
المسرح رغم المرض.. طبيب في الكواليس
حتى في أيامه الأخيرة، ظل المسرح أولوية له. أصيب بجلطة أثناء عرض "أنها حقًا عائلة محترمة"، لكنه أصر على الاستمرار، مزودًا بجهاز لتنظيم ضربات قلبه وطبيب يرافقه خلف الكواليس. في إحدى الليالي، طرد أحد الحضور لضحكه المبالغ فيه، محافظًا على السيطرة على كل تفاصيل العرض.
بداية الكاميرا الخفية
على الرغم من رفضه الأولي لفكرة الكاميرا الخفية وطرده المخرج إسماعيل يسري، اقتنع لاحقًا بالعمل مع طارق نور، ليصبح أول فنان يقدم هذا النوع من البرامج في مصر، مدشنًا مرحلة جديدة من النجاح على الشاشة الصغيرة.
اللحظات الأخيرة.. حريق على السرير ونهاية بلا جمهور
في صيف 2006، وأثناء معاناته من تدهور صحي شديد أقعده عن الحركة، اندلع حريق في شقته بسبب ماس كهربائي بجوار جهاز التكييف. التهمت النيران الغرفة التي كان يرقد بها، وأحرقت معظم متعلقاته الشخصية من بدلات مسرح وتكريمات وصور وذكريات. تم إنقاذه في اللحظات الأخيرة، لكن الحادثة تركت أثرًا نفسيًا عميقًا، وتبعها وفاة صديقه المقرب عبد المنعم مدبولي في الشهر نفسه، ما أثر عليه بشدة حتى رحيله بعد أيام قليلة.
الختام.. إرث لا يُنسى
رحل فؤاد المهندس بعدما انطفأ كل ما كان يمنحه الحياة: المسرح، الأصدقاء، الذكريات. لكنه ترك إرثًا فنيًا خالدًا، وصوته ما زال يُسمع في الإذاعة، وروحه حاضرة في أعماله، من مسرحيات "سك على بناتك" و"سيدتي الجميلة"، وحتى الكاميرا الخفية والفوازير. توفي يوم 16 سبتمبر، ليصبح هذا التاريخ علامة في ذاكرة كل من عرفه أو أحب فنه، رمزًا لفنان أضحك وجع الحياة بكل جدارة.
