بعد الزيارة التاريخية للرئيس الكوري .. تفاصيل اتفاقيات الشراكة بين القاهرة وسول
كتب: أحمد حسني
أبرمت مصر، وكوريا الجنوبية، عددًا من الوثائق، التي شهدها قادة البلدين، السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والسيد مون جي إن، رئيس جمهورية كوريا الجنوبية، في مجالات الشراكة التجارية والاقتصادية، والتعاون الإنمائي، والسكك الحديدية.
ومن جانبها وكشفت وزارة التعاون الدولي، في بيان، عن تفاصيل اتفاقيات التمويل التنموي الميسر، التي تم توقيعها، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والإنمائي بين البلدين، والتي تأتي امتدادًا للعلاقات التاريخية الممتدة، والتي ساهمت في تطوير العديد من مجالات التنمية، وترسيخ العلاقات المشتركة في مختلف المجالات الاقتصادية.
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، إن العلاقات المشتركة بين جمهورية مصر العربية وكوريا الجنوبية، تشهد تطورًا كبيرًا في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك انعكاسًا للعلاقات التاريخية الممتدة مع الجانب الكوري، مشيرة إلى أن الاتفاقيات التي تم توقيعها بالأمس تأتي عقب إعلان كوريا الكنوبية مصر شريكًا استراتيجيًا في مجال التعاون الإنمائي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخمس سنوات المقبلة.
وأوضحت وزيرة التعاون الدولي، أنه في ضوء ذلك تعمل وزارة التعاون الدولي، بالتنسيق مع الجهات المعنية، على إعداد إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين للخمس سنوات المقبلة، 2021-2025، لوضع ملامح مجالات التعاون المستقبلي مما يعزز استراتيجية التنمية الشاملة في مصر في إطار رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
وتم توقيع مذكرة تفاهم بشأن التعاون المالي بين مصر وصندوق التعاون للتنمية الاقتصادية للسنوات من 2022-20٢٦ بقيمة مليار دولار لتمويل مشروعات في مجالات تنموية مختلفة، وذلك في إطار بحث سبل تعزيز الجهود التنموية في القطاعات ذات الأولوية مثل النقل الذكي والطاقة الجديدة والمتجددة والتعليم وغيرها، ومن المقرر أن تعزز مذكرة التفاهم الجهود الوطنية المبذولة في العديد من مجالات التنمية ذات الأولوية خلال الفترة المقبلة.
كما تم توقيع اتفاقية تمويل تنموي مع الجانب الكوري بشأن تطوير وتحديث نظم إشارات خط سكك حديد مصر الأقصر السد العالي بقيمة 251.6 مليون دولار، إلى جانب المنحة التنموية المقدمة من الوكالة الكورية للتعاون الدولي "كويكا"، بقيمة 7.9 مليون دولار، بهدف تحسين نظام المشتريات الإلكترونية في مصر، من خلال إنشاء نظام المشتريات الإلكترونية العامة، وتعزيز قدرات الكوادر البشرية وتوفير الدعم الفني لإدارة وتشغيل النظام الجديد.
وتعد دولة كوريا الجنوبية من أهم شركاء التنمية الثنائيين لمصر، حيث بدأت العلاقات الاقتصادية عام 1978، وتبلغ محفظة التمويل التنموي الجارية بين مصر وكوريا الجنوبية 473 مليون دولار، من بينها 71 مليون دولار في صورة منح تنموية في مجالات التعليم العالي والملكية الفكرية والتدريب المهني وتكنولوجيا المعلومات من خلال الوكالة الكورية للتعاون الدولي، إلى جانب تمويلات تنموية ميسرة بقيمة 402 مليون دولار في قطاعات النقل وتنمية قدرات الكوادر الحكومية.
وتأتي زيارة الرئيس الكوري الجنوبي كأول زيارة رئاسية كورية منذ ١٦ عاما بعد عدة زيارات رفيعة المستوى بين البلدين كمؤشر على عمق العلاقات بن البلدين على الاصعدة.
وخلال نوفمبر الماضي، استقبلت وزارة التعاون الدولي، وفد رفيع المستوى من مجلس الوزراء الكوري الجنوبي، برئاسة كيم يونج سو، نائب وزير التعاون الإنمائي الدولي بمكتب رئيس الوزراء الكوري، وكبار مديري التخطيط والتقييم بمكتب رئيس الوزراء الكوري، وممثلي السفارة الكورية بالقاهرة، حيث تم التطرق إلى العديد من محاور التعاون في ضوء إعلان الحكومة الكورية اختيار مصر شريكًا استراتيجيًا لخطط التعاون الإنمائي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للفترة من 2021-2025.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، استقبل والسيدة قرينته، أمس بقصر الاتحادية، الرئيس موون جاي إن، رئيس جمهورية كوريا الجنوبية، والسيدة قرينته، حيث تم إجراء مراسم الاستقبال الرسمي، وعزف السلامين الوطنيين، واستعراض حرس الشرف.
وعقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية، أعقبها جلسة موسعة ضمت وفدي البلدين، حيث رحب السيد الرئيس بنظيره الكوري الجنوبي، وذلك في أول زيارة لرئيس كوري جنوبي إلى مصر منذ حوالي 16 عاماً، مشيداً بعمق العلاقات بين البلدين الصديقين، وبالزخم الملحوظ الذي تشهده خلال الفترة الماضية، ومؤكداً أهمية العمل على تفعيل الشراكة التعاونية الشاملة بين الجانبين، بما يتناسب مع إمكانات ومقدرات مصر وكوريا الجنوبية، ويساعد مصر على الاستفادة من التجربة التنموية الفريدة لكوريا الجنوبية.
من جانبه؛ أعرب الرئيس الكوري عن سعادته بزيارة مصر للمرة الأولى، موجهاً الشكر للسيد الرئيس على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ومعرباً عن الحرص على استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، وكذلك التطلع لتطوير وتعزيز علاقات كوريا الجنوبية مع مصر، لا سيما في ظل دورها المحوري بقيادة السيد الرئيس لإرساء دعائم الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، بالإضافة إلى اهتمام الجانب الكوري بزيادة استثماراته في المشروعات التنموية الكبرى ومشروعات البنية الأساسية في مصر، وكذا المشروعات الأخرى في جميع القطاعات.
وتناولت المباحثات سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، فضلاً عن التعاون في مجال تطوير قطاع السكك الحديدية، والذي يعد من ضمن الأولويات الهامة التي تعول عليها الدولة المصرية في إحداث نقلة نوعية في عملية التنمية الجارية حالياً بخطوات متسارعة، علاوة على كونه مرفق حيوي يمس الحياة اليومية للمواطن.
كما تباحث الرئيسان حول آفاق تعظيم التعاون بين البلدين في توطين صناعة السيارات الكهربائية بمصر، بالإضافة إلى التعاون في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والرقمنة، والسياحة، ومشروعات البنية الأساسية، والتعدين، فضلاً عن مناقشة سبل انخراط كوريا الجنوبية في تنفيذ مبادرة حياة كريمة، وكذلك التعاون في مجال الطاقة بمختلف أنواعها، وذلك في ضوء حرص البلدين على تنويع وتأمين مصادرهما من الطاقة.
وتم أيضًا بحث سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، خاصةً ما يتعلق بالتعاون في التصنيع المشترك ونقل وتوطين التكنولوجيا، في ضوء الدور المحوري الذي تقوم به مصر في المنطقة ومسئوليتها لتحقيق الاستقرار والأمن ومكافحة الإرهاب، فضلاً عما تتمتع به كوريا الجنوبية من قدرات تكنولوجية متقدمة وصناعات عسكرية متطورة.
وشهدت المباحثات استعراض تطورات عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث شهد اللقاء توافق الرؤى بشأن مجمل هذه الموضوعات، وفي مقدمتها تطورات الأزمة الليبية، وأكد السيد الرئيس من جانبه أن استقرار الأوضاع الداخلية بالأراضي الليبية يمثل أولوية بالنسبة لمصر، ومن ثم مواصلة مصر مساعيها الحثيثة مع الأطراف الليبية لإجراء الانتخابات الوطنية. كما أكد السيد الرئيس في ذات السياق دعم مصر الدائم لكافة الآليات التي تضمن أمن واستقرار شبه الجزيرة الكورية.
من جانبه؛ أشاد الرئيس الكوري بالثقل السياسي المصري كحجر زاوية في صون الأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصةً ما يتصل بالتحركات المصرية للتوصل إلى التسوية السياسية للأزمات في المنطقة، فضلاً عن جهودها الحثيثة بقيادة السيد الرئيس لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وكذا نشر قيم التعايش والتسامح في المنطقة، وتعزيز جسور الحوار بين الدول الأفريقية والعربية مع مختلف دول العالم.
كما شهد الرئيسان مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين الصديقين في مجالات الشراكة التجارية والاقتصادية، والتعاون الإنمائي، والسكك الحديدية.