فى ذكرى النصر.. «سحر السادات وتفاصيل الست ساعات»
كتب: أحمد حسني
تحل اليوم ذكرى أهم يوم في التاريخ المصري الحديث، وهو نصر حرب أكتوبر 1973، الحرب التي أعادت لمصر مكانتها عالميًا وأعادت الأراضي المحتلة من العدو الإسرائيلي.
وتعتبر حرب أكتوبر وما قبلها من حروب استنزاف أكبر المعارك المصرية التي أكد فيها الجندي المصري بسالته وقوته، وعدم استسلامه وخضوعه لأي مبررات للهزيمة.
وعلى الرغم من قوة العدو الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من بنائه لساتر ترابي ضخم وهو خط بارليف، أثبتت العقلية المصرية أنها قادرة على التحديات ومواجهة الصعاب.
لم يكن صاحب قرار الحرب التاريخي الرئيس الراحل أنور السادات، بعيدًا عن الانتقادات بسبب عدم تحديد موقفه من مواجهة العدو المحتل، إلا أنه كان يبيت النية لإعلان الحرب لكن دون أن يُعلن ذلك صراحة، حتى اعتقد الجميع بما في ذلك العدو نفسه، أنه لن يُحارب أبدًا، ثم فوجئ العالم أجمع بسحر السادات الذي حول الهزيمة في نكسة 1967 إلى نصر مبين.
تجهيز الخطط ومعرفة قوة العدو
بدأ الرئيس أنور السادات في عملية استطلاع لحجم وقوة الجيش المصري، وقدرته على تحرير أرضه المحتلة، وأمر رئيس الأركان وقتها الذي قام بتعيينه في 16 من مايو 1971، سعد الدين الشاذلي بالوقوف على حجم وقوة الجيش المصري والاستعدادت النهائية للحرب.
وفي هذا الصدد يقول رئيس الأركان سعد الدين الشاذلي: لم تكن هناك خطة هجومية، وإنما كانت لدينا خطة دفاعية تسمى «الخطة 200».
ويتابع الشاذلي: «إن قواتنا الجوية ضعيفة جدًا إذا ما قورنت بقوات العدو الجوية، إنها لا تستطيع أن تقدم إي غطاء جوي لقواتنا البرية إذا قامت هذه القوات بالهجوم عبر أراضي سيناء الكشوفة، كما أنها لا تستطيع أن توجه ضربة جوية مركزة ذات تأثير على الأهداف المهمة في عمق العدو».
(التين والزيتون)
اقتحام خط بارليف
في مايو من عام 1969 صدرت التعليمات بالاستعداد للعبور، وكان رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث، اللواء باقي زكي يوسف.
وكان من أهم الأزمات التي تعوق الجيش المصري في العبور هو الساتر الترابي «خط برليف»، فتذكر وقتها اللواء باقي كيف كان تأثير المياه في عملية تحويل مجرى النيل حين كان يعمل في السد العالي.
قال اللواء باقي إنه طرح تلك الفكرة أثناء اجتماع القادة برئاسة اللواء سعد زغلول عبدالكريم لدراسة الأفكار المقترحة للعبور، وكانت النتيجة، أنه «بمجرد ما أنهيت كلامي وجدت سكون في القاعة، لدرجة أني خفت أكون خرفت».
وبعدما عرض «يوسف» الفكرة على قائد الفرقة اللواء سعد زغلول عبدالكريم، كلم نائب رئيس العمليات اللواء أركان حرب محمود جاد التهامي، وأخبره أن ضابط برتبة مقدم في فرقته لديه فكرة يريد عرضها عليه، فسأله: اسمه إيه؟ قاله فلان، قاله: «لأ ده أنا عارفه ده ما بيهزرش هاتهولي».
ويستكمل اللواء باقي: «وصلت الفكرة للرئيس جمال عبدالناصر، إذ انتقلت الفكرة فيما بعد إلى إدارة المهندسين، والتي درست الفكرة من كافة نواحيها وجربوا أكثر من نوع من أنواع المضخات، وقاموا بالعديد من التجارب العملية والميدانية للفكرة زادت على 300 تجربة اعتبارا من سبتمبر عام 1969 حتى عام 1972 بجزيرة البلاح بالإسماعيلية، حيث تم فتح ثغرة في ساتر ترابي أقيم ليماثل الموجود على الضفة الشرقية للقناة.
نجحت فكرة اللواء باقي زكي يوسف وعبرت قواتنا المسلحة خط بارليف، وتمكنت دباباتنا من العبور.
نال اللواء باقي زكي يوسف نوط الجمهورية العسكري عام 1974، ومنح وسام الجمهورية عام 1984 على مجهوده وفكرته التي قادت القوات المسلحة إلى عبور خط برليف الحصين، والذي هدم فكرة أنه أعظم ساتر في العالم، وأن المصريين غير قادرين على عبوره. وأثبت للعالم أجمع أن المصري قادر إذا توفرت له الإمكانيات، وأن النجاح يأتي من رحم المعاناة.