المشهد الإسرائيلي من الداخل.. المعارضة والحكومة يصلان إلى مفترق الطرق
كتب: أحمد حسني
يبدو أن المشهد الإسرائيلي الحالي ينبئ بحرب أهلية كبرى في دولة الاحتلال، ففي خطوة هي الأولى من نوعها تخلت فيها رئيسة المحكمة الإسرائيلية إستر حيوت عن بروتوكول القضاة الذي يقضي بعدم الخروج للرأي العام والإعلام للتعبير عن موقف للمحكمة وأبدت اعتراضها على خطة نتنياهو «للإصلاح القضائي».
ووصفت إستر حيوت الخطة بـ«تغيير هوية الديمقراطية في الدولة»، وقالت إن خطة ليفين لتقويض المحكمة العليا هجوم منفلت على النظام القضائي كأنه عدو يجب مهاجمته وإخضاعه، مؤكدة أن الأشخاص الذين يقفون وراء الخطة يسمونها بشكل ساخر خطة لـ«إصلاح النظام القضائي»، لكنها في الحقيقة خطة لـ«سحق نظام العدالة»، متابعة: «من دون استقلال القضاء لن يكون القضاة قادرين على أداء دورهم».
وأكدت رئيسة المحكمة الإسرائيلية أن تنفيذ الخطة سيعرض الهوية الديمقراطية للدولة إلى ضربة قاصمة، معللة ذلك بأن إلغاء قوانين في إسرائيل أمر نادر جداً مقارنة مع دول ديمقراطية أخرى، وذريعة المعقولية ضرورية، والمحكمة بالذات تقلل من استخدامها، ولا توجد للقضاة أغلبية في لجنة تعيين القضاة، والنقاشات فيها ليست سرية أكثر من أي نقاش آخر في الحكومة.
وقالت حيوت إن «تشكيلة لجنة تعيين القضاة تقررت قبل 70 عاماً بالموافقة الكاملة لمناحيم بيجن، الذي كان حينها في المعارضة، وكانت هذه إشارة غير لطيفة لوزير القضاء ليفين، الذي تفاخر بأن بيجن كان عرابها».
انتهزت حكومة نتنياهو وأعضاء الكنيست الإسرائيلي الموالون لها فرصة خروج حيوت عن صمتها مؤكدين أن حديثها «أسقط الأقنعة في الجهاز القضائي وعكس موقف المعارضة والخارجين على خطة ليفين»، وهو ما عبرت عنه وزيرة المواصلات ميري ريجف، في إشارة إلى أنها أصبحت مع المعارضة وأن هناك اتفاقًا مسبقًا على خروجها في هذا التوقيت.
ويبدو أن الصدام سيظل مستمر لفترة كبيرة في ظل تمسك نتنياهو بالخطة وتصعيد القضاء للمسألة، لدرجة الخروج على البروتوكولات القضائية، والخروج للرأي العام والإدلاء بتصريحات عن مواقف المحكمة.
وقع قضاة ومستشارون قضائيون سابقون، ممن تولوا المنصب خلال الخمسين عاماً الماضية، على عريضة اعتبروا فيها أن خطة ليفين «وسيلة لإضعاف جهاز القضاء وتهدد بتدميره».
وجاء في العريضة: «مقتنعون بأن هذه الخطة لا تبشر بتحسين الجهاز وإنما تهدد بتدميره، فهي تقترح تغيير طريقة تعيين القضاة، بالتالي تحويل المحكمة العليا من مؤسسة مستقلة تحكم من دون خوف ولا نفاق إلى هيئة شبه سياسية ستكون منحازة للحكم، كما أن الخطة تقيد بشكل كبير صلاحيات المحكمة بممارسة الرقابة القضائية الناجعة على الحكم كي لا يستخدم بشكل سلبي، وتسمح للأغلبية الائتلافية بشرعنة أية خطوة سلطوية مهما كانت مرفوضة ومضرة».
وخرجت مظاهرات بالآلاف مناهضة للحكومة الجديدة، مؤكدين أنها وبال على الاستقرار الإسرائيلي كدولة ديموقراطية، وأن حكومة نتنياهو جعلتهم يشعرون بتهديد متزايد لأسلوب الحياة.
تأتي هذه الأحداث في ظل تخوفات لدى اليهود العلمانيين من تزايد قوة الجماعات الدينية اليمينية المتطرفة وتغولها داخل المجتمع الإسرائيلي بحسب المعهد الإسرائيلي للديموقراطية.