قبل عرضه في رمضان 2023.. كيف رأى يوسف إدريس «السلطان حامد» في روايته «سره الباتع»
كتب: عزة عبد الحميد
مع تقديم مسلسل "سره الباتع"، في رمضان 2023، وهو مأخوذ بالأساس من قصة تحمل ذات الاسم، في كتاب «حادثة شرف» للأديب الراحل يوسف أدريس.
والمسلسل من بطولة أحمد السعدني وأحمد فهمي ومريم مصطفى وحنان مطاوع ومن تأليف وإرخاج خالد يوسف.
وحامد هو الشخصية الرئيسية للمسلسل، والذي أشعل المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي بداية من عام 1801م، ولكن مع البحث في قصة "سره الباتع" التي قام يوسف إدريس بكتابتها، يمكن رسم بعض من ملامح شخصية حامد في المسلسل، والتي يؤديها الفنان أحمد السعدني.
من هو السلطان حامد
تأتي سمات السلطان حامد كما جاء في القصة القصيرة، على أنه شاب طويل القامة مدبب الأنف، قام بدق عصفورتين على رأسه من الناحيتين بحثا عن التبرك.
حامد هو من الفلاحين الذين يزرعون الأرض ويقيمون الصلاة، وظلَّ هكذا إلى أن جاءتْ القوات الفرنسية وعسكرَتْ في القلعة الجديدة، بدأت حكاية حامد مع الاحتلال الفرنسي حين قام أحد العساكر الفرنسيين بقتل صديق له وقام هو بأخذ الثأر منه وقتل عسكري فرنسي في المقايل بعد أن رفض المندوب الفرنسي المنتدب الثأر للفلاح المصري.
ومع استمرار أحداث القتل في القرية، وهرب السلطان حامد من القرية في رحلة البحث عنه من الفرنسيين، عاد مرة أخرى وقام بقتل المندوب الفرنسي بعد أن قام الأخير بقتل شيخ البلد.
وأصبح حامد، السلطان حامد، تكبيرا من الفلاحين له، ومع هربه من قرية إلى أخرى، قام المصريين في جميع القرى ببتر الأصبع البنسر الخاص بهم ودق الوشم الذي رسمه حامد، ليصبحا جميعهم مميزين بذات العلامات الخاصة به وبالتالي يستطيع الهرب بسهولة.
فزع الفرنسيين من اسم السلطان حامد
بعد حالة الترابط التي ظهر بها الشعب المصري في مواجهة الاحتلال الفرنسي، نجد أن حامد فزاعة كبير للفرنسيين طبقا لما جاء بخطاب الفرنسي س. مارتان، لصديقه جي، والذي أكد أن مقتل السلطان حامد أمر لا محال منه كي يتم التخلص من هذه الفزاعة وتنتهي حالة الرعب التي يعيشها الجنود الفرنسيين.
وقال"س. مارتن"، في خطابه، "لم يكن الهدف من القبض على حامد هو إعدامه لردِّ اعتبار جيشنا فقط، ولكن كان الهدف هو القضاء عليه نفسِه؛ إذْ إنَّ قتْلَه لبيلو أكسَبَه شعبيةً هائلةً في القرى المجاوِرة، وشعور الفلاحين لنا باعتبارنا كُفَّارًا وأجانب وأعداءً قد بدأ يتبلْوَر حول شخص حامد هذا، خاصة وقواتنا كانتْ لا تُراعِي المجامَلة في الاستيلاء على الأطعمة وعلى الخيول بلا مقابل".
مقتل السلطان حامد
قُتِل حامد، حيث تَصادَف أنْ كان أحدُ ضُبَّاطِنا الذين حضروا محاكمته يمر بداوريته في السوق، ولَمَّا رآه أطلَقَ عليه النار في الحال، ولولا أنَّه فرَّ هو وداوريته في إبَّان الارتباك الشديد الذي عمَّ السوق، لكانتِ الجماهير قد أكَلَتْهم بأظافِرِها وأسنانِها.
ضريح السلطان حامد
ولكن بعد مقتله لم ينتهي اسم حامد من الحياة، فبعد مصرع حامد السلطان جاءت أنباء لم يكن الفرنسيون في انتظارها، فالفلاحون لم ينقلوا حامد من المكان الذي لَقِيَ فيه مصرَعَه أبدًا، بل ظلَّ في مكانه لا يمسُّه أحد، وفي ظرف ثلاثة أيام كانوا قد بَنَوْا فوْقَه ضريحًا ذا قُبَّة عالية.
وطبقا للخطاب، الراوي للحدث، "فقد كانتْ أنباء زيارات الآلاف للضَّرِيح تُقْلِقُه وتجعَلُه يُكْثِر من ابتلاع سلفات المانيزيا، وكل ما فعَلَه بقتْل السلطان أن أوْجدَ أمام المصريين شيئًا ملموسًا يجتمعون حولَه، ويردِّدون اسمَه في صيحات صاخبة تجلجل تحت قبة السماء".
انتقام الفرنسيين ورد فعل المصريين
مع اشتداد ساعد المصريين في وجه الفرنسيين، طبقا لأحداث قصة "سره الباتع"، نجد أن القائد الفرنسي كليبر هاجَمَ الضريحَ بكلِّ قوَّاتِه وهدَمَه، وانتزَعَ الجثةَ من مكانها، ولم تَكَدْ تَمْضِي على وفاتها أيام، وألْقَاها في النيل.
وقال كليبر لأركان حربه: إنَّ عليهم أنْ يَقضُوا على هذه الخرافة قبل أن تقضي هي عليهم، وتشاوَروا طويلًا فيما يفعلونه، ولو لم يكن كليبر كاثوليكيًّا لوافَقَ على حرق الجثة، ولكنَّهم وجدوا حلًّا وسطًا في تقطيعها قِطَعًا صغيرة وذَرِّها في أنحاء البلاد، وليَبْحَثِ المصريون حينئذٍ عن إلهٍ آخَر يؤمنون به، أو خرافة أخرى يتمسَّكون بها ويتشبَّثون.
ومع ما قام به كليبر، كان عناد المصريين أكبر بكثير، بدءوا يُقِيمون ضريحًا فوق كل مكان سقطَتْ فيه قطعةٌ من جسد السلطان، وبعد أنْ كانتْ مشكلة كليبر سلطان حامد واحد، أصبح لديه الآن مئات السلاطين، كلُّ سلطان منهم تَفِدُ إليه الآلاف المؤلَّفة من الجموع، وتلتفُّ حولَه، وترتجُّ السماء بذكر اسمه، ويتَّخِذه أولاد السلطان مركزًا للنشاط.