Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

محمد أبو شادي يوثق للفرق الغنائية فى كتابه «الأوراق المنسية فى ملف الأغنية المصرية»

 كتب:  متابعات
 
محمد أبو شادي يوثق للفرق الغنائية فى كتابه «الأوراق المنسية فى ملف الأغنية المصرية»
الكاتب والناقد محمد أبو شادى
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

قدم لنا الكاتب والناقد محمد أبو شادى، معزوفة رائعة توثيقية للفرق الغنائية المصرية  تحمل عنوان «الفرق الغنائية.. الأوراق المنسية فى ملف الأغنية المصرية»،  كشف من خلالها عما حدث من تغيرات فى خريطة الإنتاج الموسيقى المصرى.

«الفرق الغنائية.. الأوراق المنسية فى ملف الأغنية المصرية»

يتميز كتاب أبو شادى وهو «الفرق الغنائية.. الأوراق المنسية فى ملف الأغنية المصرية» - والذى صدر حديثًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، ضمن إصدارات الهيئة بسلسلة عالم الموسيقى- باللقاءات الحية مع مؤسسى الفرق من الموسيقيين والمطربين والشعراء، بالإضافة إلى بعض النقاد والباحثين وشهادات من حلمى بكر، وحسين الإمام، ونبيل على ماهر، وطارق الكاشف.

وفى معرض توثيقه، تطرق "أبو شادى" للدور المحورى والرئيسى الذى لعبته الإذاعة المصرية فى ازدهار الأغنية لعقود منذ إنشاء الإذاعة المصرية وانطلاقها رسمياً فى ٣١ مايو ١٩٣٤، عبر وضع نظام «مختارات الإذاعة»، والذى يحتوى على الأغانى التى يكتبها الشعراء بشكل عام، ويقومون بتسليمها للإذاعة لتغنى، طبقا لنظام صارم محكم، بالإضافة لذلك كانت هناك لجنتان، الأولى لإجازة هذه النصوص وتضم كبار الشعراء فى هذا الوقت.

ويمكن القول إن هذا الدور فى الإنتاج الغنائى بكل مراحله- بداية من اختيار النص والملحن والمطرب، ثم إجازة الأغنية قبل إذاعتها- ساهم فى الحفاظ على كيان الأغنية وتماسكها وقدم لنا تنويعات لا حصر لها من الأشكال الغنائية، مثل أغانى الدينية والوصفية والوطنية والقومية وأغانى الأسرة والأطفال... إلخ. وبما يسمح بتغطية الخريطة الغنائية طوال اليوم، والمناسبات أيضا على كل الشبكات الإذاعية، كل هذا التراث تم إنتاجه فى الأغلب فى الخمسينيات والستينيات وجزء يسير فى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، ثم بدأ منحى الهبوط حتى النقطة صفر.

التحول فى مسار الأغنية المصرية

من هنا يقودنا المؤلف لأحد أهم عوامل التحول فى مسار الأغنية المصرية، وكان له صلة شديدة بتخلى الدولة عن الإنتاج الغنائى عبر منافذها، عندما رفعت يدها شيئا فشيئا عن البوابة الغنائية الممثلة فى لجان الشعر والموسيقى والغناء داخل الإذاعة والتليفزيون، والتى كانت لها الكلمة الأولى والأخيرة فى إجازة الكلمة المغناة واللحن المصاحب والصوت الذى يصل للناس بهذه الأغنية، ولم يعد هناك حارس أمين، فزحفت جيوش التتار الحديثة والمدعين دون موهبة ودون دراسة، وتلاقى هذا مع نظام سياسى واقتصادى جديد ارتأى أن ما قدم من قبل لا يلائم هذا العصر.

وتناسوا أن وجود الدولة وهيمنتها على هذا القطاع لم يكن أبدا نوعا من فرض الوصاية على الشعب، بل هو انتقاء الأفضل من متخصصين كل فى مجاله، ولو نظرنا على كتالوج أغانى مطربى ومطربات عقود الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضى لتأكدنا من مدى الرقى وتوافر عوامل الكمال فيما قدمه فنانو هذه الفترة من غناء لاقى قبولا واستحسانا واستمتاعا من الناس، فى تلك الفترة بالتوازى مع فن ونجوم هذا العصر كانت هناك فرق أخرى من المجتمع وجيل جديد له اهتمامات ناحية الموسيقى الغربية مغنييها، وكان مقدمو هذه الموسيقى من الأجانب الذين يعيشون فى مصر أو الفرق التى تستدعيها الأوتيلات والفنادق لخدمة نزلائها ومرتاديها من الجاليات من كل الجنسيات.. يجب ألا ننسى أن مصر قبل ١٩٥٢ كانت قبلة للأوروبيين من كل الجنسيات.

وهذه الفرق الغربية بداية من ١٩٥٤ - ١٩٥٦ بدأت تنسحب ويحل مكانها مصريون يقدمون نفس المحتوى غناء غربيا لا يقل مستواه عنهم، واستمرت هذه الفرق فى تقديم فنها هذا حتى اختفت الفرق الشهيرة، بداية من السبعينيات من القرن الماضى، لكنها أنجبت وصقلت موهبة عشرات من الفنانين والموسيقيين الذين أصبحوا نجوما وقادوا فرقا وأسسوا فرقا تهتم بالغناء الغربى منذ الخمسينيات والستينيات، منهم إسماعيل برادة، منير نصيف، يحى خليل، عزت أبو عوف، هانى شنودة، وعمر خيرت، وصبحى بدير، إسماعيل الحكيم، صادق قللينى، عمر خورشيد، مجدى الحسينى، طارق نور، كامل الشريف، هانى الأزهرى، محمد هلال، شريف ظاظا، وطلعت زين.

ثم بدأت الفرق الغنائية التى تغنى اللهجة المصرية الدارجة فى الظهور، ففى عام ١٩٧٧ كانت فرقة المصريين التى أسسها هانى شنودة أحد نجوم الفرق الغربية، والعام التالى قرر عمار الشريعى، ومعه الشاعر سيد حجاب والشاعر عمر بطيشة والمنتج محسن جابر، تكوين فرقة الأصدقاء، ثم شهد العام التالى ١٩٧٩ مفاجأة مدوية فرقة «الفور إم» بقيادة عزت أبو عوف، ثم توالت باقى الفرق.

وتصادف انحسار وجود الفرق الغربية مع ميلاد الفرق العربية، والتى قدمت شكلا جديدا للأغنية ربما نجده فى فرقة الأصدقاء والمصريين أقوى فرق قدمت غناء صحيحًا أساسه الكلمة.

شجع ظهور الفرق كثيرين على دخول مجال الغناء وأحدث ظهور شريط الكاسيت انقلابا فى عالم الأغنية، وخاصة فى الثمانينيات والتسعينيات، فقد صار هناك منفذ آخر لوصول الصوت للجمهور عبر شريط الكاسيت، ومن هنا كان أهم عوامل التحول فى مسار الأغنية المصرية. من هنا أيضا لا يمكن إغفال عامل مهم جدًا وهو التعليم ونوعيته ومدى اهتمام الدولة به فى آخر ٥٠ عاما، وللدقة بداية من عام ١٩٧٠ حتى هذه اللحظة.

تحولات عميقة

يلقى أبو شادى من خلال كتابه الضوء على مرحلة زمنية مهمة فى تاريخ الإبداع الموسيقى المصرى، مرحلة شهدت إرهاصات لتحولات فى آليات وقيم الإنتاج الموسيقى فى مصر فى عقدى سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، مرحلة شهدت تحولات عميقة فى بنية المجتمع المصرى إثر نكسة ١٩٦٧، وما تلاها من نصر أكتوبر وبروز ما سُمى بمرحلة الانفتاح الاقتصادى، والانبهار بكل ما هو غربى؛ حيث ساد المجتمع المصرى حالة من التغير فى قيم الإنتاج والاستهلاك، وهو ما ألقى بظلاله على الذائقة الجمالية السمعية للمجتمع المصرى، فنشأت تيارات موسيقية جديدة حاولت تقديم بديل لمرحلة أوشكت على الانتهاء، إنها مرحلة الغناء الرصين لنجومه الكبار والذين تربعوا على عرش الغناء لفترة تجاوزت النصف قرن.

ويتميز الكتاب بأنه يعرض لهذه الفرق الغنائية من وجهة نظر أصحابها والقائمين عليها والمشاركين فيها، وذلك من خلال رصد ومتابعة وحوارات أجراها المؤلف مع هؤلاء، والكتاب يمثل إضافة مهمة تضىء مرحلة زمنية لم يتم تناولها أو إلقاء الضوء عليها بالقدر الكافى، وهو ما قد يكون مفيدا فى الكشف عما حدث من تغيرات فى خريطة الإنتاج الموسيقى المصرى، وربما أيضا مؤشرا لجديد قد يطرأ. الجدير بالذكر «عالم الموسيقى»، سلسلة فصلية، تعنى بإلقاء الضوء على الشكل الأكاديمى للموسيقى واكتشاف موسيقى الشعوب بشكل منهجى، رئيس التحرير دكتور محمد شبانة، مدير التحرير دكتورة رحاب الشاعر، لوحة غلاف الكتاب للفنان مجدى نجيب، تصميم الغلاف محمد بحيرى، ويأتى الكتاب ضمن سلاسل إصدارات الإدارة العامة للنشر، برئاسة الحسينى عمران، التابعة للإدارة المركزية للشؤون الثقافية، برئاسة الشاعر والباحث مسعود شومان.