


أحمد نبيل .. حين يصبح الصمت أبلغ من الكلام
كتب: نرمين نبيل




في زمن يتحدث فيه الجميع ويتزاحم فيه الصوت مع الضجيج يصبح الصمت فنا نادرا ومقاومة راقية احمد نبيل واحد من القلائل الذين قرروا ان يصرخوا من دون صوت وان يضحكوا من دون كلمات وان يبكوا من دون دموع امام جمهور مفتوح العينين ينتظر ان يفهم بعينيه ما اعتاد ان يسمعه باذنيه احمد نبيل ليس مجرد فنان مسرح بل هو مدرسة كاملة في فن البانتوميم ذلك الفن القديم الذي يعود الى الحضارات الاولى لكنه قرر ان يعيده لنا على طريقته الخاصة ان يجعله حيا معاصرا قادرا على التعبير عن آلامنا واحلامنا وتناقضاتنا اليومية بحركة جسد واحدة او نظرة طويلة في الفراغ.
في مهرجان المسرح القومى هذا العام جاء تكريم احمد نبيل كنوع من الاعتراف المتأخر بفنان اعطى عمره للمسرح دون ان يطلب شيئا قدم عروضه في المدارس والمكتبات ومراكز الشباب بنفس الحماس الذي يظهر به على مسرح الدولة لم يكن يوما اسير الاضواء ولا عبدا للكاميرات بل ظل وفيا لفكرته البسيطة ان الفن وسيلة للفهم وان التعبير لا يحتاج بالضرورة الى اللغة.
من يشاهد احمد نبيل على الخشبة يدرك انه لا يقلد احدا بل هو حالة متفردة يندمج فيها الجسد بالفكرة فيصبح العرض رحلة صامتة لكنها صاخبة داخليا عرض لا يحتاج الى شرح او ترجمة لان ما يقدمه ينبع من الانسان الى الانسان.
وفي عصر تغلب فيه التكنولوجيا على الاحاسيس تظهر قيمة البانتوميم الذي يعيدنا الى الجذر الانساني الاول ان نفهم بعضنا بالنظرة بالحركة بالنية قبل ان نقول اي شيء.
تكريم احمد نبيل هو تكريم للفن الصافي للفنان الذي ظل يحارب وحده من اجل بقائه للفكرة التي قاومت الانقراض وسط زحام الكلام هو تكريم للتاريخ الذي لا ينسى من مروا فيه بصمت لكنهم تركوا اثرا لا يمحى