Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

أنور وجدي.. الفتى الذهبي الذي بنى إمبراطوريته على شاشة الحلم

 كتب:  داليا حسام
 
أنور وجدي.. الفتى الذهبي الذي بنى إمبراطوريته على شاشة الحلم
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

 من طفلٍ حالم في حيّ الظاهر إلى صانع أسطورة السينما المصرية

في ذاكرة السينما المصرية يبقى اسم أنور وجدي واحدًا من الأعمدة التي أسست مجد الفن السابع في مصر والعالم العربي.

لم يكن مجرد ممثل وسيم أو نجم محبوب، بل كان عقلًا واعيًا سابقًا لعصره، جمع بين الموهبة والفكر والإدارة، فصار ممثلًا ومخرجًا وكاتبًا ومنتجًا في وقتٍ لم يكن فيه الجمع بين هذه الأدوار أمرًا مألوفًا.

وُلد أنور وجدي يحيى الفتال في 11 أكتوبر عام 1904 بحي الظاهر في القاهرة، لأسرة ذات أصول سورية. نشأ في بيئة بسيطة لكن طموحه كان أكبر من كل القيود. أحب المسرح منذ صغره، فالتحق بفرقة يوسف وهبي "رمسيس"، وتعلّم هناك أصول التمثيل وضبط الانفعالات واللغة. لكن قلبه كان مع السينما التي بدأت تخط أولى خطواتها في مصر، فقرر أن يغامر ويدخلها بكل شغف.

كانت بدايته متواضعة، أدوار صغيرة في أفلام مثل أولاد الذوات (1932) والعزيمة (1939)، حتى لمع اسمه في الأربعينيات ليصبح أحد أهم نجوم جيله. لم ينتظر الفرص، بل صنعها بنفسه، فأسس شركة إنتاج تحمل اسمه، وأدار كل تفاصيل العمل الفني بنفسه من السيناريو إلى التوزيع، ليصبح أول فنان مصري حقيقي يملك "إمبراطورية سينمائية" بالمعنى المهني.

قدّم أنور وجدي مجموعة من أنجح وأجمل أفلام السينما المصرية التي ما زالت تُعرض حتى اليوم، منها

 ليلى بنت الفقراء (1945) أولى خطواته في الإخراج والإنتاج.

 قلبي دليلي (1947) أحد أنجح أفلامه مع ليلى مراد.

 عنبر (1948).

 غزل البنات (1949) – الفيلم الذي جمعه بنجيب الريحاني وحقق نجاحًا ساحقًا.

 حبيب الروح (1951).

 دهب (1953).

 ريا وسكينة (1953).

 أربع بنات وضابط (1954).

 الوحش (1954) – من آخر أفلامه التي جسدت نضجه الفني.

لم يكن النجاح الفني وحده ما يميزه، بل دقته الشديدة في كل تفصيلة. كان يؤمن بأن الفيلم الجيد يبدأ من الورق، وأن الصورة لا بد أن تلامس القلب قبل العين. لهذا، اعتُبر أنور وجدي أحد مؤسسي أسلوب الإنتاج المحترف في مصر.

أما في حياته الخاصة، فقد جمعت بينه وبين الفنانة ليلى مراد قصة حب اشتهرت في الوسط الفني، تزوجا عام 1945، وقدما سويًا عددًا من أنجح الأفلام. لكن الطموح واختلاف الطباع فرّقا بينهما بعد سنوات قليلة، ليبقى الاحترام بينهما رغم الفراق.

ومن العلامات المضيئة في مسيرته اكتشافه للطفلة المعجزة فيروز، حين رآها تؤدي مشهدًا في أحد المسارح الصغيرة عام 1950، فانبهر بموهبتها، وقرر أن يصنع منها نجمة. أنتج لها ثلاثة أفلام أصبحت من كلاسيكيات السينما:

 ياسمين (1950)، أول ظهور لها وأحد أنجح أفلامه.

 فيروز هانم (1951).

 دهب (1953)، الذي أعاد فيه تقديمها في دور ناضج لطفلة تجمع بين الكوميديا والعاطفة والذكاء.

ومنذ تلك اللحظة، لُقبت فيروز بـ"الطفلة المعجزة" بفضل أنور وجدي الذي قدّمها في صورة لم تعرفها السينما من قبل.

أصيب أنور وجدي بمرض نادر في الكُلى، وسافر إلى السويد للعلاج، لكن القدر لم يمهله طويلًا. رحل في 14 مايو 1955 وهو في قمة عطائه، تاركًا إرثًا فنيًا يزيد عن 60 فيلمًا بين تمثيل وإخراج وإنتاج.

رحل الجسد، لكن بقي الأثر. بقيت أفلامه تُدرّس في معاهد السينما كنماذج للإدارة والإبداع والإصرار.

لقد كان أنور وجدي تجسيدًا لفكرة الفنان العصامي الذي بنى مجده من لا شيء، وصنع لنفسه مجدًا خالدًا على شاشة الحلم.

ولهذا، سيبقى اسمه محفورًا في ذاكرة الفن المصري كرمزٍ للرؤية والإصرار والإبداع.