


ليلى مراد.. سيدة النغم التي غنّت للحب فأنصت لها الزمان
كتب: داليا حسام




كانت ليلى مراد مزيجًا من الدفء والحنين، من العذوبة والصلابة، من النور الذي لا يخبو مهما مرّت عليه السنين.
ولدت ليلى مراد
في الإسكندرية في السابع عشر من فبراير عام 1918، باسم ليليان زكي مراد موردخاي، لأسرة فنية تهوى الموسيقى. كان والدها المطرب والملحن المعروف زكي مراد، أول من اكتشف نغمة السحر في صوتها، فربّاها على أصول المقامات والغناء الأصيل.
بدأت ليلى رحلتها وهي لم تتجاوز الرابعة عشرة، تغني في الحفلات الخاصة ثم في الإذاعة المصرية، حتى التفت إليها أسماع الزمن.
وفي عام 1938، أطلت على الجمهور لأول مرة في فيلم "يحيا الحب" أمام محمد عبد الوهاب، لتبدأ معها رحلة من المجد الفني لم تعرف لها مثيلاً في زمنها.
أصبحت نجمة الصف الأول، وأيقونة للجمال الفني، وقدّمت مجموعة من أنجح أفلام السينما المصرية في الأربعينيات والخمسينيات:
ليلى بنت الفقراء، ليلى بنت الأكابر، غزل البنات، عنبر، قلبي دليلي، شاطئ الغرام، سيدة القطار، الحبيب المجهول.
وفي كل فيلم، كانت تُقدّم وجهًا جديدًا للحب، لا يشبه إلا ليلى مراد نفسها.
أما صوتها، فكان معجزة في الرقة والإحساس. غنّت ما يزيد عن ألف أغنية، تعاونت فيها مع كبار الملحنين: محمد عبد الوهاب، محمد فوزي، زكريا أحمد، رياض السنباطي، منير مراد، محمد القصبجي.
كانت تغني كأنها تحكي للعمر أسرار القلب، وكأن كل لحن هو حكاية لا تنتهي.
حياتها الشخصية لم تَخْلُ من الفصول المؤثرة.
تزوجت أولاً من الفنان أنور وجدي عام 1945، بعد قصة حب فنية وإنسانية ملأت صفحات الصحف، لكن الزواج لم يستمر.
ثم تزوجت من وجيه أباظة، وأنجبت منه ابنها أشرف، وبعدها من المخرج فطين عبد الوهاب، وأنجبت ابنها الثاني زكي فطين عبد الوهاب الذي ورث عنها هدوء الملامح وصدق الإحساس.
وفي عام 1946، استيقظت ليلى على صوت الأذان، فشعرت أن قلبها قد وجد الطريق. ذهبت إلى الأزهر الشريف وأشهرت إسلامها عن قناعة وإيمان، لتبدأ فصلًا جديدًا من حياتها، اختارت فيه البساطة والصفاء على صخب الأضواء.
ثم جاء القرار الأصعب... اعتزلت الفن وهي في أوج شهرتها عام 1955، واختارت الصمت وهي التي ملأت الدنيا غناءً.
لكن صوتها لم يصمت قط؛ بقي يهمس في قلوب الأجيال
وفي الحادي والعشرين من نوفمبر عام 1995، رحلت قيثارة الحب عن دنيانا في هدوء يشبه شخصيتها، لكنها تركت وراءها إرثًا خالدًا من الفن والعاطفة، وصوتًا لا يشيخ.
ليلى مراد لم تكن مجرد نجمة في زمن جميل... كانت روح ذلك الزمن.
امرأة غنّت بصدق فعاشت في الذاكرة، واختارت أن تترك للناس صوتًا أطول عمرًا من الحكايات، وأجمل من كل الكلام.