تعليق صادم من خالد يوسف على «أصحاب ولا أعز»: الناس خشوا أن يروا أنفسهم في الفيلم
كتب: محمود حفني
علق المخرج خالد يوسف على الأزمة المثارة حول فيلم "أصحاب ولا أعز" المعروض على منصة "نتفليكس"، بطولة الفنانة منى زكي، بعد الهجوم على الفيلم بسبب تناوله مشاهد جريئة في الفيلم والموضوعات التي تناولها الفيلم.
وقال المخرج خالد يوسف: "أسئلة واجبة في ازمة فيلم (#اصحاب_ولا_أعز) مع يقيني بأن التيارات السلفية وكتائبها الإلكترونية والمتأثرين بهم لها نصيب في اشتعال الازمة بل ان مصالح (منصات منافسة) قد تدخلت أيضا لصالح اشتعالها ومع تسليمي بأن الكثير من (الهري) الموجود ناتج من الإحباط والعقد النفسية التي تتواري خلف شاشة موبيل ويخلط خلطا مريعا ما بين ممثلة تخلع (الأندوير) طبقا لدورها وبين الفنانة التي احبوها واحترموها؛ بل أن معظم من علق على الأزمة لا يعرف ماهو الدور الذي يجب ان يقوم به الفن".
وأضاف: "إلا أن ذلك كله لا يمنعني من أن أجد الأمر -في عمقه - الذي شغل الناس يتجاوز ذلك كله وله أسبابه الحقيقية وليس مصنوعا بالكامل .. ومن الخطأ أن نتصورأان أزمة الفيلم أخدت أكبر من حجمها وان نسطحها ونحسبها ترندا زائلا لأن الفيلم في رأيي قد طرح قضيتان في منتهى الأهمية… القضية الأولى قد طرحها عن قصد لأنها هي قصد الفيلم الإيطالي الأصلي المأخوذ عنه الفيلم العربي وبالأحرى المستوحى من مسرحية "الزوجات الثلاث الكاملات" لأليخاندرو كاسونا وسأتحدث عن ذلك لاحقا أما الآن سأتحدث عن القضية الثانية التي طرحها الفيلم دون قصد - وأؤكد على أن صناع الفيلم لم يقصدوها - القضية هي الترويج للمثلية الجنسية والديوثية (الديوث الذي لا يأبه لعرضه وشرف نسائه) باعتبار أن الفيلم قد قدم مشاهد تحتوي على قبول بعض شخوص الرواية للمثلي جنسيا واعتباره أمرا يخصه وحده وعلينا أن نقبله ولا نزدريه وأن كل شخص حر في التصرف في جسده وليس لنا أن نحكم عليه أخلاقيا او حتي من منظور ديني".
وتابع: "كما احتوى الفيلم مشاهد تنم عن قبول أب لحق ابنته أن تفعل ماتريد بما فيها إقامة علاقة جنسية مادام قد بلغت سن الثامنة عشرة.. في الفيلم الإيطالي الأصلي كان الأمر طبيعيا والمشاهد عادية لأنهم ينتمون لمنظومة قيم المجتمع الغربي والذي حسرت مفهوم ومقياس الشرف على تلك الافعال التي ترتكبها في حق المجتمع أو في حق الإنسانيه مثل الرشوة السرقة النصب الخداع التمييز العنصرية الخ.. وأن الإنسان البالغ سن الرشد ليس من حق احد التحكم في افعاله حتى لو كان بإسم الأبوة أو الأمومة.. كما قلت كان الأمر طبيعيا والمشاهد عادية بالنسبة للمشاهد الغربي لأنها من صميم قناعات قطاعات كبيرة في مجتمعاتهم اما في الفيلم العربي لم ينتبه صناعه أن جمهورهم مختلف فقامت الدنيا ولم تقعد".
واستكمل: "أما القضية الثانية التي قدمها الفيلم وكان صناعه منتبهين لها ويقصدون مناقشتها بالفعل هي الصندوق الأسود الساكن داخل كل منا، فماذا لو كان مكشوفا للآخرين خاصة المقربين منا ك (الزوج أو الزوجة أو العائلة أو الأصدقاء وغيرهم) وما حجم الدمار الذي سيحدث لو اطلعنا على سرائر وضمائر بعضنا البعض؟.. أعتقد أن معظم من شاهد أو سمع عن فكرة الفيلم واستهجنها قد صارح نفسه والآخرين حوله أن سبب ثورته هو القضية الاولي والتي تدور حول هدم قيم المجتمع وما ادعى البعض أن الفيلم قد حاول أن يروج للشذوذ أو الديوثية ولكنني أعتقد أيضا أن معظم هؤلاء لم يجرؤا عن مصارحة انفسهم بسبب ثورتهم الآخر، أنهم خشوا أن يروا ذواتهم في المرآة أو أن يشاهد الاخرون بالذي يسكنها من أسرار وشطحات خيالية ، ومعظم هؤلاء ابتعدوا عن السبب الثاني لثورتهم ( ولزقوها) في هدم قيم المجتمع لأن ذلك يجعلهم أكثر أخلاقا وانتصارا للفضيلة ولقناعات المجتمعات وثوابته ف(يتلككون ) بادانة خلع (الآندر وير) واستهجان قبول المثلي وصب اللعنات علي الاب المنفتح ( المعرض لامؤاخذه كما وصفوه)".
وقال خالد يوسف: الأسئلة الكاشفة الناتجة من هذا التحليل هي :-
اولا :- هل مجتماعتنا تريد او قادرة علي قبول منظومة قيم مغايرة لموروثها..؟
ولو كانت الاجابة بلا هل ذلك يعني الجمود ام الحفاظ علي الاصالة من وجهة نظر رافضيها..؟
ولو كانت الاجابة بنعم ماهو حدود هذا القبول وذاك التأثر والتأثير ( dialectic) اللازم للتطور والتقدم..؟
ثانيا :- هل النفس البشرية - بشكل عام وليس الانسان العربي فقط - مجبولة علي المداراة وكنز الأسرار في الأعماق ..؟
وهل المكاشفة والشفافية هو أمر مستحيل لعدم القدرة على مواجهة الذات والآخر..؟
ثالثا:- هل تشي هذه الأزمة ضمن ماتشي وتكشف بأن مجتماعتنا باتت أكثر تحفظا أو قل أكثر رجعية وتخلف.. أم تظهر أنها مجتمعات تحافظ على أصالتها..؟
رابعا :- لماذا الآن أكثر من أي وقت مضي الخلط بين الفن والواقع وبين الممثل وما يؤديه كدور وبين حياته كإنسان..؟
ولو كانت ظاهرة سلبية كيف الخلاص منها ..؟
خامسا :- كيف يتم استغلال واستخدام الترند لأغراض أخرى سواء سياسية او اقتصادية ..؟
سادسا :- هل الانسحاق للترند وراء الآخر مهما كان تافها يؤدي لتأخر المجتمعات ام انه امر للتسلية لا ضرر منه ..؟
سابعا :- ماهي وظيفة الفن..؟ هل هي تكريس قيم وتقاليد المجتمعات وغرسها في الوجدان أم التمرد عما يراه مرتبطا بموروث متخلف من وجهة نظر صناع الفن..؟
ثامنا :- هل الفن يقدم الحلول أم وظيفته في الأسلوب الذي يستخدمه في طرحها ووضع الأسئلة الكاشفة عن بعض أو كل جوانب القضية التي يعالجها لكي تجد المجتمعات بكل قواها المعرفية اجابات تصلح لوضع حلول وصنع مستقبل أفضل ..؟
انا هنا اطرح الاسئلة فقط وعلينا جميعا أن نجد إجابات عنها لنعرف جميعا كيف يسير العقل الجمعي لمجتمعاتنا وإلى أين يتجه؟
وبرغم الكلام السطحي الهائل الذي قيل عن الفيلم، فالمؤكد أن الفيلم قد طرح قضايا مهمة راميا بحجر هائل في مستنقع الرتابة والركود كي يجعلنا نفكر فيما نريده لأنفسنا ولمجتمعاتنا.