


«معاناة مع مقص الحذف».. كيف تعامل الرقيب نجيب محفوظ مع القبلات والكلمات الحسية؟
كتب: عزة عبد الحميد




«السينما النظيفة»، لم تكن هذه العبارة هي وليدة الألفية الأخيرة على الإطلاق، بل أنها قديمة من عمر الأعمال الفنية التي بدأت تتخطى الخطوط الحمراء للمجتمع الرجعي، وأكثر من عانى مقص الرقيب هو الكاتب العالمي نجيب محفوظ، وكانت أشهر القضايا التي عاناها هي رواية «أولاد حارتنا»، وما تبعها من أعمال فنية.
ومع حلول عيد ميلاد العالمي نجيب محفوظ الـ111، نتذكر أن الراحل تولى منصب مدير الرقابة على المصنفات الفنية، لمدة 3 سنوات، ويقول محفوظ عن دور الرقابة: «الرقابة كما فهمتها ليست فنية ولا تتعرض للفن أو قيمته، ووظيفتها ببساطة هي أن تحمى سياسة الدولة العليا وتمنع الدخول في مشكلات دينية قد تؤدى إلى الفتنة».
تعامل نجيب محفوظ مع المنع
مع معاناة نجيب محفوظ مع الرقيب والمقص الخاص به سواء كان سياسي أو ديني، إلا أنه حاول في بعض الأوقات ألا يكون هو ذات المقص الذي طاله، كما فُعل معه.
فقال نجيب محفوظ، بحوار صحفي أجراه جميل الباجوري: «هذا عن الشاشة، ماذا عن الواقع؟، ماذا تفعل كنجيب محفوظ لو رأيت شابا وفتاة يختلسان قبلة في الشارع؟ أجاب: «أودى وشى ع الناحية التانية، وأبتسم وأقول اوعدنا يا رب».
ولكن مع موافقة نجيب محفوظ على القبلات على الشاشة إلا أنه كان يجعل المقص الخاص به يعمل حين يرى قُبلة بالعُنق وهو ما كان يمنع ظهورها عبر الشاشة، خاصة لو طالت على الشاشة أكثر من ثوانٍ.
خضوع نجيب محفوظ للرقابة المجتمعية
أكد الناقد طارق الشناوي في مقال سابق له، أنه مستندصا على رواية للمخرج الراحل توفيق صالح وهو الصديق المقرب لنجيب محفوظ، إلا انه كان يرى أنه خضع للرقابة المجتمعية التي كان يُنصبّها نقاد الخمسينيات من القرن الماضي، حيث قال توفيق صالح« كان عددٌ ممن يمارسون النقد والصحافة في الخمسينيات يعدون عدد الكلمات الجريئة والمشاهد الساخنة والعنيفة، ويمنحون الفيلم درجة من عشرة بناءً على التزامه بمكارم الأخلاق. وأضاف برعم صداقتي لنجيب محفوظ: إلا أنه حذف لي مشهدا من الفيلم التسجيلي (القلة)، شاهد الفيلم واستمعت إلى صوته مجلجلا بالضحك، ثم حذف المشهد!».
يا صباح التي قصفها نجيب محفوظ
أشار نجيب محفوظ، في أكثر من حوار صحفي إلى أن فيلم «إغراء»، للمخرج حسن الإمام الذي تم إنتاجه عام 1957، عندما طُلب كرقيب إعادة تسجيل أغنية صباح «من سحر عيونك ياه»، التي كتبها مأمون الشناوي ولحنها محمد عبدالوهاب بسبب «يااااااااه» التي طالت أكثر مما ينبغي، ووجد أديبنا الكبير أن الإطالة هنا تحمل معنى حسيا، فأعادت صباح التسجيل لتختصرها إلى «ياااه» قصيرة!!.