عنوان و موضوع خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير 2023
كتب: أحمد دياب
أعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير الجاري بعنوان «حسن المعاشرة وحفظها»، وقد أعلنت وزارة الأوقاف في وقت سابق عن هذا الموضوع مشددة على الأئمة بالإلتزام بموضوع الخطبة بالنص والمضمون على أقل تقدير وشددت ايضاً وزارة الأوقاف على أن لا يزيد زمن الخطبة عن 10 دقائق ويستعرض لكم موقع العاصمة عنوان و موضوع خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير 2023.
موضوع خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير 2023
أعلنت وزارة الأوقاف في وقت سابق عن موضوع خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير الجاري بعنوان «حسن المعاشرة وحفظها»،
اقرأ ايضاً.. خادم الحرمين الشريفين و ولي العهد يوجهان بتقديم...
عناصر الخطبة
موضوع خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير : بعنوان «حسن العشرة وحفظها» ، للدكتور خالد بدير
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
أولًا: منزلةُ حسنِ العشرةِ في الإسلامِ
مِن أهمِّ الأخلاقِ التي حثَّ عليهَا دينُنَا الحنيفُ حسنَ العشرةِ وحفظهَا ومقابلةَ الإحسانِ بالإحسانِ، والمكافأةَ للمعروفِ بمثلِهِ أو أحسن منهُ والدعاءَ لصاحبهِ، قال اللهُ تعالى: {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (القصص: 771)، وقال تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (الرحمن: 60).
ولقد ضربَ لنَا رسولُ اللهِ ﷺ أروعَ الأمثلةِ في حسنِ العشرةِ وحفظِهَا قبلَ البعثةِ وبعدَهَا، وقد شهدَ له العدوُّ قبلَ القريبِ، ونحن نعلمُ قولَ السيدةِ خديجةَ فيهِ لمَّا نزلَ عليهِ الوحيُ وجاءَ يرجفُ فؤادُهُ:” كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”.
ثانيًا: حسنُ العشرةِ وحفظُهَا صورٌ ومظاهر
لحسنِ العشرةِ وحفظِهَا صورٌ ومظاهر كثيرةٌ، مِن أهمِّهَا :
حسنُ العشرةِ والوفاءُ بينَ الأزواجِ: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ” (متفق عليه). فحسنُ العشرةِ بينَ الزوجينِ، يجعلُ الأسرَ مستقرةً، والبيوتَ مطمئنةً، فيكونُ رابطُ الوفاءِ بينهمَا في حالِ الشدةِ والرخاءِ، وفي العسرِ واليسرِ.
وما أجملَ حسنَ العشرةِ ووفاءَ الرسولِ ﷺ لزوجهِ خديجةَ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ «إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ». (البخاري) .
اقرأ ايضاً.. مركز الملك سلمان للإغاثة يُوزّع حقائب مدرسية...
ثالثًا: حاجتُنَا إلى حسنِ العشرةِ وحفظِهَا
إنّ حسنَ العشرةِ وحفظَهَا خُلُقٌ جليلٌ، بل هو مِن أخلاقِ الأوفياءِ الكِبارِ، الذين لا ينسونَ المعروفَ ولو طالَتْ بهم الأعمارُ ؛ فلا يزالُ الكريمُ أسيرًا لصاحبِ الجميلِ، يُظهرُ لهُ الوِدَّ ويُمطرُهُ بالثَّناءِ الجزيلِ .
وأما اللَّئيمُ فهو يتجافَى عن أصحابِ العطايَا الكبيرةِ، لأنَّه يظُنُّ أنَّهم إنَّما أحسنُوا إليهِ لمصالحِ الدُّنيا الحقيرةِ .
وصدقَ الشَّاعرُ: إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ *** وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللَّئيمَ تَمَرَّدَا
فهناكَ أُناسٌ قد اصطفاهُم ربُّ العالمينَ، ليسَ لهم همٌّ إلَّا سعادةَ الآخرينَ، وليسَ لهم شُغلٌ إلّا مساعدةَ الآخرينَ، فهم لغيرِهِم بينَ سعادةٍ ومُساعدةٍ، لا يريدونَ مِن أحدٍ جزاءً ولا شُكورًا، وإنَّما يخافونَ مِن ربِّهم يومًا عبوسًا قمطريرًا، يضعونَ بينَ أعينِهم: " اصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلَى مِنْ هُوَ أَهْلُهُ، وَإِلَى مِنْ لَيْسَ أَهْلَهُ، فَإِنْ كَانَ أَهْلَهَ، فَهُوَ أَهْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلَهَ، فَأَنْتَ أَهْلُهُ " . ولسانُ حالِ أحدِهم:
ازرعْ جميلًا ولو في غيرِ مَوضعهِ *** فَلا يضيعُ جميلٌ أينما زُرِعا
إنَّ الجميلَ وإن طالَ الزمانُ بهِ *** فليسَ يَحصدُهُ إلا الذي زَرَعا
ولقد ضربَ النَّبيُّ ﷺ في حسنِ العشرةِ مِن المثالِ أجملَه، ومِن النصيبِ أكملَه، ومِن ردِّ الجميلِ أحسنَه وأعدلَه، ودلائلُ وفاءهِ ﷺ لا تنتهِي عندَ المواقفِ والأحداثِ التي كان يفِي فيهَا بمَا التزمَهُ، فقدْ شهدَ لهُ أعداؤُهُ بأنَّهُ يفِي بالعهودِ ولا يغدر، فحينَ لقَي هرقلُ أبَا سفيانَ، وكان أبو سفيانَ على عداوتهِ لمحمدٍ ﷺ، سألَ هرقلُ أبَا سفيانَ عن محمدٍ ﷺ عددًا مِن الأسئلةِ، كان مِمّا سألَهُ فيهِ قولُهُ: فهل يغدرُ؟. قال لا!
إنّنا بحاجةٍ ماسةٍ إلى خلقِ الوفاءِ وحفظِ الجميلِ، لكلِّ مَن لهُ علينَا معروف، والحذرُ مِن نكرانِ الجميلِ، فإنَّه خبثٌ في الطبعِ، وحمقٌ في العقلِ . قال بعضُ العقلاءِ: "تعلمُوا أنْ تنحتُوا المعروفَ على الصخرِ، وأنْ تكتبُوا آلامكُم على الرملِ، فإنَّ رياحَ المعروفِ تذهبُهَا!". وهذه قصةٌ لطيفةٌ في هذا المضمونِ: والقصةُ تبدأُ عندمَا كان هناك صديقانِ يمشيانِ في الصحراءِ، خلالَ الرحلةِ تجادلَ الصديقانِ فضربَ أحدهُمَا الآخرَ على وجهِه. الرجلُ الذي ضُربَ على وجههِ تألمَ ولكنّه دونَ أنْ ينطقَ بكلمةٍ واحدةٍ، فكتبَ على الرمالِ: اليوم أعزُّ أصدقائِي ضربنِي على وجهِي. استمرَّ الصديقانِ في مشيهِمَا إلى أنْ وجدُوا واحةً فقررُوا أنْ يستحمّوا. الرجلُ الذي ضُربَ على وجههِ علقتْ قدمهُ في الرمالِ المتحركةِ وبدأِ في الغرقِ، ولكنْ صديقهُ أمسكَهُ وأنقذَهُ مِن الغرقِ. وبعدَ أنْ نجَا الصديقُ مِن الموتِ قام وكتبَ على قطعةٍ مِن الصخرِ: اليوم أعزُّ أصدقائِي أنقذَ حياتِي. الصديقُ الذي ضربَ صديقَهُ وأنقذَهُ مِن الموتِ سألَهُ: لماذا في المرةِ الأولَى عندما ضربتُكَ كتبتَ على الرمالِ، والآن عندما أنقذتُكَ كتبتَ على الصخرةِ؟! فأجابَ صديقُهُ: عندما يؤذِينَا أحدٌ علينَا أنْ نكتبَ ما فعلَهُ على الرمالِ، حيثُ رياح التسامحِ يمكنُ لها أنْ تمحيهَا، ولكن عندمَا يصنعُ أحدٌ معنَا معروفًا فعلينَا أنْ نكتبَ ما فعلَ معنَا على الصخرِ، حيث لا يوجدُ أيُّ نوعٍ مِن الرياحِ يمكنُ أنْ يمحوهَا.