البريد المصري.. «السر» الذي غاب عن المُشاهد في إعلان عمرو دياب الجديد!
كتب: بقلم: إسلام صلاح
مع الساعات الأولى من بداية شهر رمضان المبارك انطلق موسم الزخم الإعلاني، والذي بات أحد أهم سمات شهر رمضان من كل عام؛ حيث التنافس بين الشركات والعلامات التجارية باستقطاب ألمع نجوم الغناء والتمثيل وكرة القدم وغيرهم من مشاهير المجتمع، وبتوقيع كبار المخرجين أمثال: هادي الباجوري وتامر مهدي وعلي علي وطارق العريان.
وأصبح للنجم الكبير عمرو دياب موعد ثابت كل عام مع علامة تجارية مختلفة، وهذا العام كان الظهور من خلال إحدى المؤسسات القومية وهي مؤسسة البريد المصري، وأظن أنها المرة الأولى التي يظهر فيها الفنان عمرو دياب فى حملة إعلانية تخص المؤسسات القومية أو شركات القطاع العام.
فقد كان ظهوره سابقًا سواء بالغناء - أو بالغناء والظهور معًا- من خلال علامات تجارية استثمارية خاصة مثل: شركات المياه الغازية والمعدنية والمنتجعات السياحية وشركات الاتصالات، إلا أنه في هذا العام ظهر مع مؤسسة البريد المصري القومية.
جاء ظهور الفنان عمرو دياب في الحملة الإعلانية الخاصة بالبريد المصري في نسختين مختلفتين حتى كتابة هذه السطور، وتحت إدارة المخرج طارق العريان، وبأغنية تحمل اسم "السر" من كلمات الشاعر الغنائي الموهوب -صاحب المفردات المميزة- أيمن بهجت قمر، وألحان محمد يحيى، والتوزيع للموزع أحمد إبراهيم.
إلا أن المخيب للآمال حين تشاهد النسخة الأولى من الإعلان، ترى كلمات الأغنية تلعب على وتر التغيير والتجديد حيث تقول كلماتها: السر اللي يخليك الأول وتفضل مستمر .. فيه حد يجدد ويطور وحد محلك سر.
بينما الصورة الإعلانية، أو ما نُطلق عليه السرد البصري، جاء بعيًدًا كل البعد عن الوصف البصري للكلمات وأيضًا عن مؤسسة البريد ذاتها؛ حيث نرى الفنان عمرو دياب يمارس رياضة الجري في منطقة القلعة ويؤدي بعض الحركات الرياضية العنيفة، وكأنه يقول سأظل شابًا مدى الدهر !
وإن كان هذا صحيحًا فعلًا -فهو واحد من المطربين الذين راهنوا على الشباب طوال مسيرته الفنية-، ولكن حين ترى الإعلان تتساءل: ما علاقة البريد المصري بممارسة الفنان عمرو دياب للرياضة؟! وهل التغيير والتجديد الذي تصفه الكلمات، ويعبر عنه عمرو دياب بصوته وظهوره الشبابي قصد منه التغيير الذي مارسه عمرو دياب طوال تاريخه الموسيقي؛ ليظل متواجدًا وناجحًا؟ في إسقاط غير منطقي على مؤسسة البريد المصري؛ وكأن التغيير الذي مارسته ولا نعرف ما هو بالضبط من خلال الإعلان قد جعلها في المقدمة، وإذا كان الأمر كذلك فما علاقة الرياضة بالتغيير؟.. لقد نجح عمرو دياب في المقام الأول كمطرب متجدد مجتهد وليس كمطرب يمارس الرياضة.
كما أن اللقطات التي ظهر فيها وهو يجري -سواء بمنطقة القلعة أو نفق الأزهر-؛ ظهر وكأنه يؤدي الجري في علاقة غير متوافقة بين سرعة عمرو دياب وحركة وسرعة الكاميرا، الأمر الذي ظهر للمُشاهد وكأنه يمُثل الجري.
وحين نشاهد النسخة الثانية من الإعلان نجد الأمر نفسه من الانفصال بين البريد المصري كعلامة تجارية يعُلن عنها وبين السرد البصري؛ حيث يقف عمرو دياب مرددًا كلمات الأغنية داخل منزل أنيق مع لقطات لم يمهد لها المخرج للبريد المصري وسياراته خضراء اللون، حتى يصل موظف البريد فجأةً لمنزل الفنان عمرو دياب، ويعطيه صندوق طرود صغير الحجم؛ ليتفاجئ المُشاهد أن هذا الصندوق الصغير الذي يتسع لكتب أو ما شابه وُضع به بورتريه كبير للفنان عمرو دياب!
لقد أخفق المخرج في تحقيق مُعادل بصري يعبر عن كلمات الأغنية؛ سواء في النسخة الأولى أو الثانية، كما أدمج عددًا من اللقطات في غير سياقها السردي ظهرت؛ وكأنها قفزات غير مبررة خارج الإطار مثل: لقطات الجري في الصحراء بعد منطقة القلعة، ولقطات الجري بأحد الشوارع ليلًا والجري تحت المطر.
وكذلك عدم التوظيف الجيد للقطات هيئة البريد في النسخة الثانية، والتي جاءت فجأة ً أثناء غناء عمرو دياب بمنزله الأنيق وطرد البريد الصغير والذي يستحيل أن يُحمل بداخله بورتريه كبير!
جاء الإعلان في النهاية لصالح عمرو دياب أكثر من هيئة البريد المُعلنة في الأساس، وأقرب للكليب الغنائي، وظل السر الذي يبحث عنه المُشاهد بعد رؤية نسختي الإعلان: أين البريد المصري؟..