صدر حديثاً للكاتبة أماني القصاص رواية «فتاة وبحيرتان» عن دار ريشة للنشر والتوزيع استعدادا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ56، المقرر أن تنطلق خلال الفترة ما بين 23 يناير و5 فبراير 2025، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بمنطقة التجمع الخامس.
من أجواء الرواية
لم أستطع فعل شيء... لا سافرت مع زملائي ولا حضرت الحفل المبهج، ولا كانت لدي القوة لأترك هذا البيت وهذا الإنسان الذي خذلني وتلذذ بقتل روحي وأيامي بدم بارد. وما زلت لا أعلم لليوم لماذا رضيت أن ارتبط به وأعيش معه كل هذا الوقت؟
استمرت حالة الصمت والحزن والتساؤلات، ووجدت في الخروج والجلوس أمام البحيرة ملاذًا لي. جلست أسفل شجرة ضخمة، وشعرت بأن جوف الشجرة يحدثني... ينصحني، يحتويني بحنان الأم المفقود، ويدعمني بقوة الأب الغائب. سألت الشجرة: "لماذا لا أستطيع الهرب؟ لماذا أحرص على البقاء في سجن معه ولا أستطيع الفكاك؟ لماذا لم أدر ظهري له وأتركه وأترك حياته الخربة وأرحل؟ لماذا أنا ضعيفة هكذا؟"
قالت لي الشجرة، وأنا التصق بها وكأنني أطلب حمايتها:
"أرى ضعفك وهشاشتك، وأرى أيضًا قوتك ونور روحك. تستطيعين فقط النظر خلف تلك الشروخ التي رسمها الألم في داخلك، وكيف تعاملت معها طوال الوقت، سترين قوة جديدة ترسم لك تعامل جديد يليق بكِ".
- افعلي مثلي. انتوي الخير، ثم ارمي البذرة فى التربة. بذرة الحب، بذرة القوة، بذرة التمرد، بذرة السعي، بذرة النجاح والمتعة، ثم انتظري. ستجدين ساق الشجاعة والتغيير شقت أرض حياتك وخرجت للنور، حاملة أوراق الثقة والثبات التي ستثمر لتمنحك الأمل والدفء والأمان والمحبة، لنفسك ثم لنفسك ثم لنفسك، ثم للدنيا بمن فيها.
أغلق عيناي الآن، وأتوقع غير المتوقع. أرى الآن شجاعتي وقوتي وحفاظي على نفسي.
طفت الآن بخيالي، وجعلت غير المعتاد معتاد، متأصل وثابت. سأرمي البذور لأكون ثابتة ومرتفعة مثل الشجرة، تحتضن فقط من يحبها ويقدر وجودها، وسأعطي ثماراً وظلاً وسنداً، فقط عندما أنمو ولا يؤذيني ذلك.