


لماذا أصبحت الدراما اليوم مليئة بالعنف والمحتوى الغريب؟
كتب: كتبت داليا حسام




في السنوات الأخيرة، أصبحت الدراما التلفزيونية مختلفة تمامًا عما اعتدنا عليه في الماضي. نجد أنفسنا أمام أعمال مليئة بالعنف، والمشاهد غير اللائقة، والقصص التي قد لا تتناسب مع قيم المجتمع أو حتى مع الذوق العام. فما السبب وراء هذا التغير؟ هل هو خطأ المشاهد الذي يتابع هذه الأعمال، أم أنه انعكاس لاختلاف الزمن والتطور الطبيعي للحياة والفن.
تغير الذوق العام
الذوق العام يتغير مع الأجيال، وما كان يُعتبر راقياً في الماضي قد لا يكون جذابًا لجمهور اليوم. لكن المشكلة ليست في التغيير نفسه، بل في نوعية المحتوى الذي يُقدم، فبدلاً من أن يكون التطور في الأفكار والأساليب الإخراجية، أصبح في الاعتماد على الصدمة والعنف لجذب الانتباه.
المنافسة الشرسة بين المنصات
في الماضي، كانت الدراما تُعرض على عدد محدود من القنوات، وكان صُنّاعها يهتمون بالقيمة الفنية والرسالة الأخلاقية. أما اليوم، فهناك منصات رقمية وقنوات متعددة، وكل جهة تحاول جذب المشاهدين بأي وسيلة، حتى لو كان ذلك عن طريق تقديم محتوى صادم أو غير مألوف.
غياب النصوص القوية
في الماضي، كانت الأعمال الدرامية تُبنى على نصوص محكمة، وحوارات قوية تحمل رسائل اجتماعية وإنسانية. أما اليوم، فالكثير من المسلسلات تفتقد للنص القوي، وتعتمد على الإيقاع السريع والمشاهد المثيرة دون الاهتمام بجودة القصة أو عمق الشخصيات.
اختلاف الممثلين وأسلوب الأداء
الممثلون في الماضي كانوا يهتمون بالأداء التمثيلي العميق، وكانت لديهم كاريزما خاصة تجعلهم قادرين على إيصال المشاعر بأبسط الطرق. أما اليوم، فالكثير من الممثلين يعتمدون على الشكل الخارجي والاستعراض أكثر من الاهتمام بالتمثيل الحقيقي، مما يجعل الأعمال تفتقد للمصداقية والروح.
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي
السوشيال ميديا أصبحت جزءًا أساسيًا في نجاح أي عمل، وهناك سباق مستمر لجعل المسلسل "ترند"، حتى لو كان ذلك من خلال مشاهد جدلية أو لقطات غير معتادة. وهذا يدفع بعض صُنّاع الدراما للتركيز على إثارة الجدل أكثر من تقديم محتوى يحترم عقل المشاهد.
هل المشكلة في المشاهد؟
لا يمكن إلقاء اللوم بالكامل على المشاهد، لكنه بلا شك جزء من المعادلة. فكلما زاد الإقبال على هذا النوع من الدراما، زاد إنتاجه. الجمهور لديه القدرة على تغيير المعادلة باختيار الأعمال الهادفة، لكن البعض ينجذب للمحتوى السهل والسريع دون التفكير في أثره.
هل يمكننا العودة إلى دراما الزمن الجميل؟
الأمر ليس مستحيلًا، لكنه يحتاج إلى وعي من المشاهد، وعودة الكتابة القوية، والاهتمام بجودة الإنتاج بعيدًا عن الإثارة المفتعلة. هناك نماذج حديثة نجحت في تقديم محتوى محترم وحقق نجاحًا، مما يثبت أن الجمهور لا يزال يبحث عن الجودة، لكنه يحتاج لمن يقدمها له.
الدراما ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل لها تأثير مباشر على القيم والسلوكيات. ولذا، يجب أن يكون هناك توازن بين التطور الطبيعي للفن واحترام عقلية المشاهد. والتغيير الحقيقي لن يحدث إلا عندما يطالب الجمهور بأعمال تحترم فكره وتقدم له محتوى يليق به.
كما كان فى فتره مسلسلات الزمن الجميل