Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

سحر حسني تكتب: ويبقى للكلام بقية

 كتب:  سحر حسني
 
سحر حسني تكتب: ويبقى للكلام بقية
سحر حسني
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

كنت أشرب قهوتى فى الصباح الباكر وأنا أنظر من النافذة على الخضرة المحيطة بالمكان وهي تضفى عليه اتساعاً ورحابة.. وأطلق لخيالى العنان

ليسرح فى الفراغ الواسع.. ورائحة الخضرة المبللة بالماء تختلط برائحة القهوة فتملأ به حواسي..

وأجدنى أفكر فى اللاشيء.. وبينما السكون يلف المكان..

إذا بصوت فيروز الساحر يتهادى بنعومة إلى مسامعي.. قائلة:

يا سنيني اللي رحتى ارجعيلي..

ارجعيلي شي مره ارجعيلي..

وردیلی ضحكاتى اللى راحوا..

وإذا بالكلمات كالطوفان تجتاح - ليس فقط مسامعى.. بل أيضاً كل كياني.. تشعل فى رأسى ألف حوار..

وألف سؤال..

کلها تبدأ: بماذا لو؟!

والإجابات كلها ظلت حائرة..

حقاً..

ماذا لو رجعت بنا السنين التي مضت؟!

ماذا لو منحنا فرصة ذهبية لترجع بنا الحياة مرة أخرى.. فتختار ماكنا نتمناه.. ولم نكن نعيه أو ندرك أبعاده من قبل؟!

ماذا لو عدنا لمراحل الصبا الأولى..؟!

حيث الضحكات من القلب.. تحمل في طياتها توقعات بحياة وردية.. حيث اللامسؤوليات..

ولا أعباء أو مشاكل تنقلنا.. ولا قرارات عشوائية رسمت لنا طريق أضطررنا للسير فيه..

ولا مواجهات وحروب خضناها - طوعاً أوكرها -

سواء مع أنفسنا أو مع آخرين لم يستحقوا مواجهات للأسف قهرتنا وكسرت قلوبنا.. وكلفتنا أوجاع لا حدود لها.. أرهقتنا وغيرت فطرتنا..

حتى أصبحنا النسخة التى لا نحبها منا..

وكنا نظن وقتها أن ما نعيشه ما هو إلا بضعة أيام وسنتغلب عليها وتمر..

ولم ندرك إلا فى وقت متأخر جداً.. أن الحياة تمضى مسرعة..

وأن ما عشناه كان سنين طويلة وليست أياما كما ظننا - بل هو عمر کامل قارب على الانتهاء..

حتى لم يعد هناك وقت كاف لإعادة ترميم وإصلاح ما أفسده الزمن..

حتى أنه لم يعد من أحلامنا أن نحقق ما كنا نتمناه.. بل أصبحت أقصى أمانينا فى الدنيا - فقط - أن نخرج منها آمنين.. بأقل خسارة ممكنة.

متشبثين ببضع أوقات سعيدة.. وكم لانهائى من الأوجاع تثقل أكتافنا.. ودموع تملأ أعيننا تحبسها قدر ما استطعنا - ولكنها

تسيل على استحياء ونحن نختلي بأنفسنا ليلاً..

نخاف أن يراها متلصص شامت.. أو حتى متعاطف مشفق وأهونهما مر..

ثم تشرق علينا الشمس.. فنسارع بارتداء الأقنعة لنخفى ما خلفته أوجاع الليل على وجوهنا..

لقد علمتنا الدنيا فن تبديل الأقنعة بمهارة..

فهذا قناع الضحك.. وذاك قناع الصخب - وآخرهم قناع الصمت..

وبين هذا وذاك وتلك.. أضعنا العمر!!

سامحها الله فيروز..

حقاً أمتعتنا..

ولكنها -أيضاً- أوجعتنا..!!!