Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

حسن عيسى يكتب: سعاد حسني.. طائر بلا جناح

 كتب:  حسن عيسى
 
حسن عيسى يكتب: سعاد حسني.. طائر بلا جناح
سعاد حسني
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

كشهاب ساطع شق السماء توهجت سريعا وانطلقت تتقدم الصفوف تمثل وترقص وتغني فتطبطب بجمالها علي قلوب المصريين و لتملئ الشوارع والحارات بهجة وفرحة وجمال فيحلم بها الشباب وتقتدي بها الصبايا  وبنفس السرعة جاءت النهاية توهه وانكسارات وإحباطات عميقة وموته غامضة وغربة وصرخة مكتومة ودم علي الارض ينشف واتهامات متبادلة من غير دليل والي حبها بجد اكتئب والي استغلها عاش وكبر  والكل شارك بالصمت والخذلان وكدهون.

و رقصت في ذلك اليوم كجريح ينتفض كحلاوة روح من فرط الوجع   فقد بدت كمريض قرر الاستسلام لم تكن ترقص  بقدر ما كانت تترنح  بوجه شاحب وشعر  اشعث وجسم نحيف يتمايل بدون اثارة  كجسد مريض قرر الاستسلام وكأنها تعمدت ان تحجب عنا  كل ملامح انوثتها المتوهجة وتحرمنا بهجتها كصرخة غريق يستغيث يطلب النجاه او ربما كان هذا هو عقابها لكل من شارك ولو بالصمت في اغتصاب روحها الهشه الجريحة فحرمتهم من طلتها  البهية و سحر ضحكتها التي  طالما لونت حياتهم بالبهجة  وهاهي تغني في ذلك اليوم  غناء  اقرب للنحيب و ترقص و تروي محطات من حياتها لتكشف النقاب عن تلك الوجوه الخادعة  التي طالما ادعت محبتها ونهشت روحها خلف الابواب المغلقة ، ترقص وسط الحشود ولكنها   لا تراهم ولا تشعر بنظراتهم التي تلاحقها  اينما ذهبت هي فقط تعترف امام مرأتها  تبكي وتسخر وتضحك وتتذكر  وتبكي وتعود لترقص وفي يدها عصير العنب  المعتق رفيق عذباتها.

تروي حكايتها مع الخذلان والأندال وتصرخ في همس موجع: دورا وشكم عني شوية كفياني وشوش ده اكم من وش غدر بيا ولا يتكسفوش …  وعصير العنب العنابي نقطه ورا نقطة لعذابي يكشف لي حبايبي وصحابي يوحدني وانا في عز شبابي … تلك كانت صرختها الشهيرة في فيلمها شفيقة ومتولي مستعينة بكلمات  صلاح جاهين والذي ولم يكن يدري وهو يبدع تلك الملحمة الغنائية بانه يكتب مرثية سعاد حسني ذات نفسها  لتذيعها جميع الفضائيات بعد ذلك بسنوات قليلة مصاحبة لمشهد جنازتها وكأنها لسان حالها  في تلك اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت   بعد ان تحررت روحها من عبئ الحياة وقسوة الاحياب وخذلان الجسد وصعدت الي السماء وهي تنظر عليهم من اعلي وتراهم مجرد اقزام صغيرة تركتهم ينافقون ويتصارعون.

و رحلت هي _ سعاد حسني  عن هذه الارض التي طالما ملئتها حياة ومحبة وكدهون وتحققت تبوءه جاهين واتوحدت سعاد وهي في عز شبابها ، كان المشهد مهيب وصادم والعيون تترقب وسط همهمات عديده حائرة  والبقع السوداء تفترش ساحة المطار في انتظار قلق واخيراً تصل  طائرة مصر للطيران تخترق الصمت وتثير ضجة لا تقل عن ضجة الحدث نفسة  تهبط سريعا  وتسير علي الممر  المظلم في لحظات اقرب لسنوات  حتي توقفت   تماما وتفتح جوفها  ويخرج  من وسط العتمه صندوق خشبي  بارد يحتضن بداخله جسدها المهزوم من قسوة المرض ومرارات الحياة وها هي الان تعود الي وطنها بعد سنوات الغربة جثة صامته  لايعلم سرها غير الله  لتدفن في ارضة وقد تخلصت اخيرا من كل شخصياتها السينمائية واحزانها وامرضها واعباء الحياة  لتعود روح حره طايقة تطلق ضحكتها المبهجة بعرض السماء وهكذا فعلتها سعاد حسني ورحلت الي الابد بلا عودة   تاركة خلفها تساؤلات تبحث عن اجابات  وشخصيات سينمائية مدهشة مازالت قادرة علي ان تبهرنا بعمق ادائها وصدق مشاعرها  وحلاوة  روحها وبقيت اغنيتها بانو بانو  تحكي حكايتها وتشرح معاناتها كدعاء الكروان لا يمل من تكرار تغريدته كل صباح سيظل تحكي حكايتها دائما وابدا وتكررها كل يوم حتي لا ننسي كيف يموت الانسان على مراحل وليس مرة واحدة وكيف يكون غدر الصحابة وتوحش الاحباب وكدهون في محبة الست سعاد حسني وعصر من البهجة والإبداع والشجن النبيل