إيمان منصور تكتب: يرحل الإنسان والذكرى باقية
كتب: سماح غنيم
وسط حديقة وبين زهور متنوعة تقف فى حيرة من أمرك، كيف يمكن أن تجمع بوكيه من الورود في زوهرية واحدة، وسط هذه الكوكبة المتنوعة.. هذا ما أنتابني منذ مطلع شهر (أكتوبر ) فوسط أوراق سطرتها بيدي، وأوراق تم طبعها في مجلتي الحبيبة الإذاعة والتليفزيون لأحصل على أعلى مكافاة أثناء تولي الأستاذ الكبير ياسر رزق منصب رئيس التحرير آنذاك .
شريط ذكريات يمر من أمامى أكثر من 25 عاماً أتشرف بحضور عيد نصر أكتوبرمع أبطال حقيقين ممن قدموا أكبر نصر لمصر.
حكايات وبطولات دموع وضكحات منذ حرب الاستنزاف إلى حرب 73، جاءت الفكرة أن أضع فى هذة السطور كلمات من مجموعة من القادة الذين عاصروا هذه الأيام بل كان لهم دور مشهود ومواقف لا تنسى "رحلوا عن دنيانا ولكن ذكراهم باقية على مر الزمن".
كان لا بد أن أبدأ بكلمات من رجل فى ذلك الوقت على مشارف التسعين من عمره هو اللواء عبد المنعم خليل، الذي كان قائداً للمنطقة المركزية في ذلك التوقيت والذي ذهبت لكي يحدثني عن الحرب فحدثني في الحب، وقال: "الحب مفتاح سر الوجود فلولا الحب لما كنا حررنا الأرض".
لا أنسى دموع اللؤاء حسن الجريتلي وهو يروي قصة جندي وقف أمام دانة مدفع الدبابة لينقذ مجموعته من الأسر، وكانت كلمته الأخيرة "خلوا بالكم على مصر" ثم ابتسم وهو يروي كيف أخذوا الآسرى الإسرائلين ليشاهدوا الأهرامات ثم أعطوهم البجامات الكستور من مصانع المحلة ليذهبوا بها إلى إسرائيل.
لا أنسى اللؤاء محمود خلف، الذي دائماً ما يتباها بالجيش المصري الذي تعرض للموت أكثر من مرة وبعد النصر رفض أن يخرج من رجله الشظايا لتكون شاهد له يوم القيامة .
أما اللؤاء محمد الفاتح، الذي أطلق أسمه على جبل المر بعد أن حرر الجبل بـ 27 عسكري، وتخيل العدوا أنهم كتيبة جاءت لتحرير الموقع وهربوا وعندما قولت له شعورك ايه بعد الانجاز العظيم قال فى كل تواضع أحنا لم نفعل شىء هى أرادة الله أن يضع فى قلوبهم الرعب .
أما اللواء فريد حجاج، فكان يروي قصة بطولات سلاح المدفعية والذى أستمر تمهيد النيران 53 دقيقة وهو الأكبر فى تاريخ الحروب لقد حول نهار ألاسرائيلين إلى قطعة من جهنم ويتم الآن تدريسه فى أعرق الاكاديميات العسكرية.
أما سلاح البحرية فكان الخطة كما قال اللواء يسري قنديل، رئيس شعبة الأستطلاغ البحري فى ذلك الوقت، كانت خداع إسرائيل وأوهمناهم بأننا فى حاجة لشراء أسلحة بحرية جديدة من غواصات وذوارق وكثفنا الاتصالات بالغرب من أجل أستيراد أسلحة جديدة لتأكيد خطة الخداع ونجحت مهمتنا.
وصائد الطائرات محمد عبده علوان، المجند الذي تمكن من إسقاط سبع طائرات وأسر طيارين بتسع صواريخ كان يحملها على كتفة ولا أنسى صائد الدبابات عبد العاطى، الذي كان يتنقل من دبابة لأخر ببندقية أربجييه ليصيب 21 دبابة في زمن قياسي.
وكانت المجموعة 39 قتال جولات وخاصة في مجال الاستصلاع الحربي، واللقاء كان مع المقاتل محمد عبده موسى والذى جاء له التكليف خلف خطوط العدو عام 69 بعبور خليج السويس من نقطة جبل الزيت، ليتحقق من معلومات عن بناء العدو لبعض المطارات الجديدة على شاطى البحر الأحمر، وداخل سيناء وفى خلال 72 ساعة، كان أتم تدريبه بل طلب كاميرا لتوثيق ما سوف يشاهدة وبالفعل نجحت المهمة بمساعدة أهالى سيناء العظماء .
يروي اللواء حسان أبو علي، سلاح الدفاع الجوى عن المواقف التى لا تنسى.. الجندى أندراوس عزيز، كان من الصعيد يقف على مدفع قديم وهذا النوع كان لابد من يقف عليه يكون صاحب بنيان قوي، لانه يحمل طلقة وزنها 30 كيلو يطعها فى المسورة، وللاسف المدفع كان يرجع أكثر من اللازم فأصيب أندراوس وبتر ساقه ومع ذلك رفض الأخلاء وقال لى " اتركني يا فندم لأن لا يوجد أحد لتعمير المدفع هذة رسالة لمن يقول مسيحي ومسلم .
ولو تحدثنا عن سادة المعارك كما قال لى اللواء جمال كحيلة، فهم رجال المشاة فهو الذى يطلق الطلقة الأولى ويسير على أرض المعركة ويقاتل يد بيد مع العدو ويقوم بتطهير المواقع وهوالذي يعلن السيادة ويقف على الأرض ويرفع علم النصر .
وفي هذه الأحداث تتقابل مع مواقف صعبة وهى أخلاء الجرحى والمصابين كنا نجد صعوبة بأقناعهم بترك المعركة للذهاب إلى المستشفى، الجميع يريد البقاء والاستمرار فى القتال، ومنهم من أثرت عليه فترة بقائه بدون علاج لإصراره على البقاء.
صيحة "الله أكبر" يقول اللواء جمال، لم يكن متفق عليها ولكن خرجت من الجنود بدون شعور حيث كانوا يتسابقون فى العبور حتى لو سقط شهيداً يموت شهيداً فى الشرق وليس الغرب هذا ما جعلني أنا وافراد السرية نعبر فى 35 دقيقة.
وللذكريات بقية..