Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

حسن عيسى يكتب: ماسبيرو ماكانش مجرد جهاز في الركن.. كان فرد من العيلة

 كتب:  حسن عيسى
 
حسن عيسى يكتب:  ماسبيرو ماكانش مجرد جهاز في الركن.. كان فرد من العيلة
حسن عيسى
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

لسه قلبك بيدق لما تفتكر الدوشة الحلوة اللي كانت مالية بيت عبد المنعم مدبولي وكريمة مختار في فيلم الحفيد؟ في مشهد أولاد الجيران مجتمعين حوالين التلفزيون… كأنهم في فرح أو عيد ميلاد، قاعدين جنب بعض على الأرض، مستنيين النشرة أو حلقة في مسلسل. لسه بتحن لصينية الساندويتشات العملاقة اللي الأم كانت بتحضرها كأنها بتبني ذكريات طفولة، وعِشرة، وأيام وسنين؟ والأب، رغم التعب وهمّ المصاريف، أول ما صوت المعلّق يعلو ويقول: “جووول يا كابتن!”، ينسى همّه، ويهتف من قلبه: “جــووون!”.

لسه بتتفرج وتبتسم لما تشوف سعاد حسني في “صغيرة على الحب” وهي بتتنطط في ممرات مبنى ماسبيرو، بتغني في الكافيتريا، وتضحك وهي ماشية وسط الكاميرات… والضحكة دي بتعدي من الشاشة لقلبك كأنها بتحيي فيك حاجة قديمة ما ماتتش.

الزمن بيتغير، لكن المدرسة دي ما بتتكررش.. مدرسة ماسبيرو.. إنك تلاقي برنامج معمول علشانك، مش معمول علشان “الراعي الرسمي”.. من أول ما ليلى رستم سألت طه حسين، مش علشان الإثارة، لكن علشان تفهم وتخلينا نفهم، وأماني ناشد وهي بتحاور عباس العقاد، ما كانتش بتستعرض، كانت بتتعلّم بصوت مسموع وبتفتح معانا مغارة الذكريات وروعة البدايات مع الست منيرة المهدية.

وسلوى حجازي كانت بتتكلم للطفولة بلغة مش بتكبر، بصوتها اللي لسه بينام جوه القلب من غير ما يشيخ.

الكاميرا ما كانتش بتجري، ولا كانت بتقاطع، كانت بتصغي. وكل مذيع أو مذيعة، كانوا زي خال أو عمة… بنسمع صوتهم كأنهم أهل، ونستناهم كأنهم ضيوف عزاز.

كنا بنرتّب يومنا على مواعيد البرامج، وكان التلفزيون بيقولنا إننا مش لوحدنا… إننا عيلة كبيرة، من أسوان لإسكندرية، كلنا بنشوف نفس الصورة، ونسمع نفس الحكاية، ونحس بنفس الضحكة.

من “النادي الدولي” لـ “زُووم”، من “عالم البحار” لـ “نادي السينما”، من “نافذة على العالم” لـ “خمسة سياحة” و”العالم يغني” و”بانوراما فرنسية” و”حكاوي القهاوي” و”عالم الحيوان”، من ماتش التنس والإسكواش للبرامج التعليمية وبرامج محو الأمية… كل برنامج من دول كان طوبة في بنيان الوعي، بسيط بس متماسك، بيستثمر جهده في بناء الإنسان المصري.

ماسبيرو ماكانش مجرد جهاز في الركن… كان فرد من العيلة.. بيسلّي تمام زي السينما، بس وهو بيعلم، ويهذب، ويحكي.

كل سنة وأنتم طيبين… وعلى تراثكم حافظين… وعلى الحلم ده، فاكرين.

21 يوليو 1960، مش مجرد تاريخ لبداية البث… دي لحظة تأسيس وعي جمعي، ومرآة صنعت ذاكرة وطن.

يمكن الزمن اتغير، لكن في حتة جوانا لسه قاعدة جنب التلفزيون… مستنية الحكاية تكمل.