


سحر حسني تكتب: ويبقى للكلام بقية
كتب: سحر حسني




بينى وبين البحر عشق لا ينتهي - كلما فارقته شدني الحنين إليه.. فأعود ..
عندما أجلس أمام البحر - أشعر وكأن هناك حوار صاحت بيننا.. بامتداده اللانهائي
وعمقه الغامض
وأمواجه المتلاحقة
حوار بلغة ليست مفرداتها كالتى نعرفها.. ولا حروفها كالتي تعلمناها.. حوار صامت لكنه صاخب
تأتي الأمواج من بعيد ثائرة.. تسابق بعضها البعض..
لتنبسط على الشاطئ بانسيابية.. وكأنها تنثر تحت أقدامي كل ما تحمله فى طياتها من أسرار..
کأن كل قطرة منها تحكى حدوتة.. أو تروى قصة..
أو تحمل سراً لإنسان ما.. على شاطئ ما.. فى بقعة ما من العالم.
قد يكون إنسان غاضب.. عندما استبد به الغضب.. لم يجد من يتحمل ثورته وغضبه..
فوقف أمام البحر
والتقط بعض الحصى ورشق بها الأمواج الثائرة مثله..
وهويعلم أن البحر بكل أمواجه الثائرة سوف تمتص غضبه في صمت دون أن تثور عليه
أو قد يكون إنسان حزين.. ضاقت به الدنيا بما فيها..
فجلس على شاطئ البحر فى سكون ونظراته حائرة
يحاول أن يبحث فى اتساع مداه .. وأفقه اللانهائى
عما يخفف عليه ما عجز عن حمله من أحزان.. ولم يستطع مشاركته مع أحد
وهذا آخر عصره الألم .. وعز عليه أن ينكسر
وتنهمر دموعه أمام الآخرين.. فلم يجد سوى البحر بعمقه
ليلقى فيه بآلامه مها كان حجمها.. لتستقر فى قاعه.. فلا يعلم عنها مخلوق إلا الله..
وهذان حبيان.. لم يجرؤا على البوح بسرهما..
فكان أول لقاء لهما على البحر.. حيث أول رجفة قلب..
وأول نظرة حب.. وأول لمسة يد
فكان ومازال البحر شاهداً على أجمل قصة حب
وآخرين.. وآخرين.. اختلفت أسبابهم ولكنهم اجتمعوا على صديق واحد.. البحر
إإتمنوه على مالم يستطيعوا البوح به لغيره
كأنه عقد ضمنى غير مكتوب بين اثنين..
ولايشهد عليه إلا اثنين:
الشمس مع أول شعاع لها حتى تلقى بنفسها فى أحضانه مع الغروب..
فيتسلم القمر منها الأمانة.. باسطأ شعاعه الفضى الساحر..
فى وداعة.. وانسيابية.. واعداً بغد جديد
يحمل معه الأمل في تحقيق ما لم يستطع تحقيقه الأمس
ما أروع ذلك.. أن يختلف الكون فى كل شيء..
إلا من رفيق واحد.. يجمع شملهم..
إنه الصديق عند الشدة.. وكاتم الأسرار عند الحاجة..
إنه البحر..
لذلك كلما واتتني الفرصة جريت إلى البحر..
تسابق خطواتي بعضها البعض.. لأصل إليه
وكأني أشعر أن أمواجه -أيضا- تسابق بعضها
البعض لتصل إليّ..
إنه سباق العاشقين.. تلفه اللهفة.. والشوق..
والحب.. والصدق.. ليبوح كل منا
بأسراره للآخر
ما أروعها صداقة.. وما أبدعه صديق..