


داليا حسام تكتب: بين الحقيقة والوهم.. كيف غيّر التريند حياتنا؟
كتب: داليا حسام




في زمن السرعة، لم يعد الخبر يحتاج أيامًا لينتشر، ولا الصورة تحتاج وقتًا حتى تصل، بل يكفي هاشتاج واحد لتشتعل الدنيا. نحن نعيش اليوم في عصر التريندات، عصر اللحظة التي تتحول فيها جملة، فيديو، أو صورة عابرة إلى حديث الملايين.
التريند أصبح مرآة المجتمع، يكشف اهتماماتنا ويعكس مخاوفنا وأحلامنا. لكنه في نفس الوقت سيف ذو حدين؛ فقد يمنح قضايا إنسانية الضوء الذي تستحقه، ويرفع أصوات المظلومين، لكنه قد يصنع من التافه بطلًا، ومن اللحظة العابرة قضية كبرى، بينما القضايا الأعمق تضيع وسط الضجيج.
أثر التريند واضح في حياتنا اليومية
غيّر طريقة تفكير الناس، فأصبح كثيرون يسعون وراء الشهرة السريعة بدل الإنجاز الحقيقي.
خلق حالة من المقارنة المستمرة والضغط النفسي، حيث يقيس الشباب نجاحهم بعدد المشاهدات والإعجابات.
جعل الإعلام التقليدي يركض خلفه، بدل أن يقوده، فصار التريند هو العنوان الأول في الصحف والبرامج.
وفي نفس الوقت، ساعد في نشر الوعي بقضايا مهمة، وفتح المجال أمام أصوات كانت مهمّشة لسنوات.
لكن السؤال الأعمق: هل نحن الذين نصنع التريند، أم أن التريند هو من يصنعنا؟
ربما الإجابة تكمن في وعينا، فالمشكلة ليست في التريند نفسه، بل في طريقة تعاملنا معه. إن اخترنا أن نكون مجرد متابعين منجرفين خلف كل جديد، فسوف نفقد هويتنا. أما إن استغليناه كأداة لنشر الخير والمعرفة والجمال، فساعتها يكون التريند في خدمتنا لا العكس.
نحن بحاجة أن نتوقف لحظة، نسأل أنفسنا: كم من وقتنا استهلكه التريند؟ كم من قراراتنا تأثرت به؟ وهل صرنا نعيش لنرضي الآخرين أم لنرضي أنفسنا؟
التريند قد يختفي في 24 ساعة، لكن أثره في عقولنا وقلوبنا قد يستمر لسنوات.
ولذلك، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سنظل نركض خلفه؟ أم نصنع تريندنا الخاص الذي يعكس حقيقتنا؟