بنجاك سيلات ودور طلبة الأزهر للتقارب الثقافي بين إندونيسيا ومصر
بنجاك سيلات Pencak Silat هو فن قتالي إندونيسي أصيل ومعروف أيضا في ماليزيا وسنغافورة وتايلاند وبروناي والفلبين.
بنجاك سيلات هو تراث رقي قديم لدى الشعب الادونيسي. طبقا لبعض المراجع، كان فن الدفاع عن النفس "بنجاك سيلات" موجود في إندونيسيا منذ القرن السابع الميلادي. في الأصل، كان بنجاك سيلات نوعا من مهارة القبائل الإندونيسية الأصلية في الصيد والقتال باستخدام أدوات مثل المناجل والدروع والرماح.
خلال الاستعمار الهولندي والياباني، أصبح بنجاك سيلات شكلا من أشكال مقاومة الشعبية الإندونيسية للاستعمار في الأرخبيل الندونسيس الذي اشتهر باستخدام "بامبو"المدبب.
تأسست جمعية أو اتحاد بنجاك سيلات الإندونيسية (IPSI) رسميا في عام 1973 لاستيعاب وتوحيد جميع تيارات ومدارس بنجاك سيلات في إندونيسيا في جمعية واحدة.
بالإضافة إلى جنوب شرق آسيا تلقى بنجاك سيلات استقبالا جيدا وانتشر بنجاك سيلات في 6 قارات و 50 دولة منها الهولندا وألمانيا واأريكا واأستراليا ومصر.
وقد عقدت بطولات كثيرة على الصعيدين الوطني والدولي. لهذا السبب ، منذ ديسمبر 2019 مـ، تم اعتراف بنجاك سيلات من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) كتراث عالمي ثقافي غير مادي.
بالنسبة لمصر، كان بنجاك سيلات حاضرا منذ عام 1980 مـ الذي جلبه الطلبة الإندونيسيون الذين يدرسون في الأزهر.
وبدأ يحبها المصريون بشغف منذ 2011 مـ من خلال المركز الثقافي الإندونيسي في القاهرة. وفقا للسيد أحمد سوفوات، رئيس اتحاد مصر لبنجاك سيلات (EPSA) في حوار مفتوح بالسفارة قال أنه حتى عام 2022 ، كان هناك 4200 طالب مصري يتعلمون بنجاك سيلات والعدد في تزايد مستمر، بحيث وصل عدد الراغبين في التسجيل إلى أكثر من 600 شخص في مناسبة واحدة. كما دربت بينجاك سيلات في 7 أندية رياضية مصرية.
ويتم حاليا تقديم بنجاك سيلات الى السلطات المصرية من أجل الاعتراف بها كواحدة من الرياضات الرسمية في مصر.
لماذا يحب المصريون بنجاك سيلات؟
من الحوار الذي أجرينا مع السيد أحمد صفوت، رئيس اتحاد مصر لبنجاك سيلات، هناك أسباب وراء إقبال المصريين لبنجاك سيلات كرياضة فنون قتالية مقارنة بغيرها:
أولها، بنجاك سيلات له بعد معنوي وروحي عميق. بنجاك سيلات مثلا يدربنا على التحلي بالصبر، وكبح جماح الغضب، وعدم الغرور، والتفكير الإيجابي، واستخدامها دائما من أجل السلام وليس السعي إلى المشاكل.
بينجاك سيلات يعلمنا أيضا الأخلاق النبيلة واحترام المعلّم قبل كل شيء. يقوم بينكاك سيلات أيضا بتدريس ما يسمى في اندونيسيا "بعلم الأرز"، أي كلما ارتفعت المعرفة والمكانة، كلما يتحلى الانسان بالتواضع. وذلك كله يتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي السمحة التي يتبناها معظم الشعب المصري والإندونيسي.
ثانيها، بنجاك سيلات له قيمة فنية وثقافية. في كل حركة تعكس القيمة الفنية العالية والثقافة السامية. بحيث يتم عرض بنجاك سيلات بشكل دوري كحدث فني ثقافي ممتع للمشاهدة في المناسبات الوطنية والتربوية.
ثالثها، بنجاك سيلات وسيلة للدفاع عن النفس. وهي رياضة تتصف باللطف وتستخدم فقط في وقت حرج كسلاح نهائي، طالما أن الوسائل السلمية والكلمة الطيبة لم تعد مقبولة من قبل الخصوم. لأنه أساسا تم إنشاء بنجاك سيلات للصمود والدفاع عن جميع التهديدات للجسم والنفس.
رابعها، بنجاك سيلات رياضة مناسبة لجميع الأعمار من الصغار الى الكبار. والجدير بالذكر فإن رياضة بنجاك سيلات هي واحدة من الرياضات التي تحرك جميع الأطراف والحواس الخمس ، لذلك ينظر إليها على أنها رياضة مثالية للجسم.
دور الطلبة الإندونيسيين في الأزهر الشريف
كما هو المذكور أعلاه كان الطلبة الإندونيسيون الذين يدرسون في جامعة الأزهر هم الرواد الذين جلبوا بنجاك سيلات إلى أرض مصر. ويليق ان نسميهم "سفراء " لنشرهم بنجاك سيلات في مصر. وباختصار يشمل دورهم كالآتي:
أولا، تعريف بنجاك سيلات للمصريين الذين درسوا معهم في الأزهر، ثم الاستمرار في تعريف المصريين الآخرين من خلال معارفهم وأصدقائهم.
ثانيا، ترويج بنجاك سيلات إلى منتسبي جامعة الأزهر بشكل خاص والمجتمع المصري بشكل عام من خلال فعاليات الأداء الفني والثقافي للطلبة التي تقام عادة بانتظام كل عام.
ثالثا، تدريب بنجاك سيلات للمصريين بشكل مباشر أو عن طريق تدريب المدربين حتى يصبحوا مدربي بنجاك سيلات. وحتى الآن، هناك 44 مدربا مصريا ذا مهارة عالية وجاهزا للتدريب.
رابعا، بنجاك سيلات تعزّزالعلاقة بين لاعبي الإندونيسيين ولاعبي المصريين من الدرجة الأولى ثم تعزّزالرابط والعلاقة الأخوية بين الشعبين بشكل عام.
التقارب الثقافي بين مصر وإندونيسيا
من المعلومات المذكورة أعلاه، يمكن أن نستنتج أنه منذ البداية تمكن المصريون من قبول الثقافة الإندونيسية التي انعكست في فن الدفاع عن النفس بنجاك سيلات.
هذا القبول يدل على العلاقة الوثيقة بين الشعبين. كلنا نعترف بحضارة مصر والأزهر الشريف الذي أصبح نقطة جذب علمية للطلبة الإندونيسيين.
قد تخرج منه الآلاف من الخريجين الذين نشروا المعرفة والتعاليم الإسلامية والثقافة العربية المصرية. لذلك ليس من المستغرب بأن هناك عدة ثقافات مشابهة للثقافة المصرية في إندونيسيا وخاصة في شهر رمضان وخلال الاحتفال بعيدين عيد الفطر وعيد الأضحى.
ونأمل من خلال بنجاك سيلات أن يزداد عدد المصريين الذين يرغبون في تعلم بنجاك سيلات. ومن المتوقع أن تصبح مصر مركزا إقليميا لبنجاك سيلات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اعترافها من قبل السلطات المصرية ستكون نقطة انطلاق لتعزيز بنجاك سيلات في العالم العربي.
ونأمل أن يمهّد الطريق للتقارب بين المصريين والإندونيسيين ونشر بنجاك سيلات في جميع أنحاء مصر ومن ثم إلى دول الشرق الأوسط الأخرى.
وبما أن مصر تشتهر بشعار «أم الدنيا» آمل أن تصبح مصر "أما لبنجاك سيلات" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأعتقد أن الدبلوماسية الثقافية التي تتمثل في بنجاك سيلات هي أفضل طريقة لتعريف وترويج الثقافة الإندونيسية في مصر.