Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

داليا حسام تكتب: أحمد مظهر.. الفارس الذي امتطى صهوة الفن

 كتب:  داليا حسام
 
داليا حسام تكتب: أحمد مظهر.. الفارس الذي امتطى صهوة الفن
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
حين يظهر أحمد مظهر على الشاشة، لا ترى مجرد ممثل يؤدي دورًا، بل ترى فارسًا قادمًا من زمن آخر، ملامحه صارمة كالنقش على صخر، وعيناه تحملان بريق الكبرياء والصدق. لم يكن لقبه "الفارس النبيل" من فراغ، فهو في الحقيقة كان فارسًا قبل أن يصبح نجمًا.
 
وُلد أحمد مظهر في 8 أكتوبر 1917 بالقاهرة، ونشأ في أسرة مصرية أصيلة. التحق بالكلية الحربية، وكان من دفعة تاريخية جمعت بين أسماء صنعت مستقبل مصر، فقد كان زملاؤه جمال عبد الناصر، أنور السادات، وعبد الحكيم عامر. عمل ضابطًا بسلاح الفرسان، وبرع في الفروسية حتى صار من أبطالها المميزين، وشارك في بطولات دولية مثّل فيها مصر.
 
لكن القدر كان يخبئ له مسارًا آخر. فبعد أن ترك الحياة العسكرية، اتجه إلى السينما، وهناك بدأ فصل جديد من حياته. كان ظهوره الأول في فيلم ظهور الإسلام (1951)، لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت مع رد قلبي (1957)، حيث جسد شخصية "علي" الضابط الأرستقراطي في قصة ثورة يوليو، ليصبح صوته وصورته جزءًا من الذاكرة الوطنية.
 
منذ ذلك الحين، صار أحمد مظهر نجمًا لامعًا، يختار أدواره بعناية، ويمنح كل شخصية صدقًا داخليًا. في دعاء الكروان (1959)، قدّم واحدًا من أعقد أدواره كرمز للرجل القاسي الذي تحركه العاطفة في النهاية. وفي الناصر صلاح الدين (1963)، تألق في دور القائد الذي يوحّد الأمة، مجسدًا روح البطولة بجلال لا يُنسى. أما في الأيدي الناعمة (1964)، فقد كشف جانبًا آخر من شخصيته، رجل أرستقراطي يفقد مجده القديم ليكتشف معنى جديدًا للحياة.
 
أحمد مظهر لم يكن مجرد نجم وسيم، بل كان مثقفًا واسع الاطلاع، يجيد الإنجليزية والفرنسية، ويكتب المقالات والقصص، كما جرب الإخراج في فيلم المرأة والبيت (1963). كان فنه انعكاسًا لشخصيته: انضباط الضابط، شموخ الفارس، ورهافة المثقف.
 
على المستوى الشخصي، عُرف أحمد مظهر بالهدوء والوقار. عاش حياة أسرية هادئة بعيدًا عن الأضواء قدر استطاعته، لكنه ظل حاضرًا في قلوب جمهوره. حصل على عدة جوائز وتكريمات، منها جائزة التمثيل عن دوره في دعاء الكروان، كما كُرم في مهرجانات محلية ودولية.
 
رحل أحمد مظهر في 8 مايو 2002، بعد أن ترك إرثًا سينمائيًا يضم أكثر من 100 فيلم، إلى جانب أعماله المسرحية والتليفزيونية. لكنه لم يرحل من ذاكرة جمهوره، فما زال صوته الجهوري وصورته الفارسة حاضرين كأن الزمن لم يمضِ.
 
 
 أحمد مظهر لم يكن ممثلًا عاديًا، بل كان فارسًا عاش مرتين: مرة على ظهر الحصان في ميادين الجيش، ومرة أخرى على الشاشة حيث امتطى صهوة الفن وترك بصمته خالدة في تاريخ السينما العربية.