Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

إيمان منصور تكتب: صراخ الأطفال والطيور معًا.. فهل من مجيب؟

 كتب:  إيمان منصور
 
إيمان منصور تكتب: صراخ الأطفال والطيور معًا.. فهل من مجيب؟
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

في هذا العالم الذي يتغنّى بالحضارة وحقوق الإنسان ما زالت مشاهد الألم تتكرر وكأنها قدر. أطفال يولدون وفي أعينهم حلم الحياة، ثم ينطفئ الحلم قبل أن ينطقوا بكلمة، لا يعلمون معنى كلمة (أم أو وطن).


وهناك طيور تهاجر بحسها الفطري بحثًا عن دفء وأمان، فتسقط برصاص صياد أو شباك توضع لها على شجرة أو على شاطئ. كلاهما لم يخطئ، لم يعرفا الحرب ولا يحملان سلاحًا، لم يرتكبا ذنبًا، وبرصاصة غدر يُمحَيان معًا من على وجه الأرض.

في غزة المشهد أبعد من أن يكون مجرد أرقام في نشرات الأخبار؛ أكثر من 30 ألف طفل قضوا نحبهم تحت الركام أو بين أيدي أمهاتهم العاجزات بعد ضرب المستشفيات والوحدات الصحية. لعبهم الصغيرة مغطاة بالغبار، لم يطلبوا سوى حق بسيط في الحياة: أن يعيشوا كما يعيش أطفال العالم. ثلاثون ألف طفل كان من الممكن أن يخرج من بينهم الطبيب والمهندس والمدرس، وكان يمكن أن يخرج منهم العالم والمزارع، لكن رصاص العدو لم يرحمهم.

وفي السماء هناك مأساة موازية وإن كانت أقل صخبًا: طيور مسالمة جاءت في رحلات سنوية، لا تعرف الخرائط ولا السياسة، لكنها تدفع الثمن، فتُقتل بلا سبب، ويتم اصطيادها لمجرد اللهو أو لمكسب ضئيل أو لعملية تحنيط تتزين بها البيوت.

وللأسف، هناك تقارير دولية تصف مصر ضمن أكثر تسع دول بحاجة إلى إجراءات صارمة للحد من معدلات قتل الطيور غير القانوني. يُقدَّر عدد الطيور التي تُقتل في مصر كل عام بما لا يقل عن 5.7 مليون طائر، بينها أنواع نادرة، والأسوأ أن العديد منها يُقتل باستخدام وسائل محظورة دوليًا.

ولا تقف الجريمة عند الطيور فقط، بل تمتد آثارها إلى الاقتصاد المحلي، حيث تعتمد مجتمعات كاملة في جنوب مصر على السياحة البيئية كمصدر رئيسي للدخل، خاصة أن مصر موقّعة على اتفاقية ملزمة لحماية التنوع البيولوجي.

والأخطر من ذلك هو الإخلال بالتوازن الطبيعي للأنظمة البيئية الذي يرتكز على دور الطيور في تلقيح النباتات ومكافحة الآفات واستدامة الحياة البرية.

كلا المشهدين يعكس قسوة واحدة: الطفل الذي يُعاقب لأنه وُلد في المكان الخطأ، والطيور تُقتل لأنها اختارت الطيران في المكان الخطأ.

واليوم لم تعد أصوات الطيور والأطفال كافية لحماية أنفسها، لكن أصواتنا نحن قد تكون آخر ما يمكن أن ينقذهما، ففي حماية الطفل والطبيعة حماية لأنفسنا.